اختاره بعلمه وارتضاه لخيرته، وأن الله باعث من في القبور، وسائل الناس عن أعمالهم عالم بما في الصدور.
ثم إني أوصيك - يا حسن - وكفى بك وصيا بما أوصاني به رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإذا كان ذلك يا بني ألزم بيتك، وابك على خطيئتك ولا تكن الدنيا أكبر همك، وأوصيك يا بنى بالصلاة عند وقتها والزكاة في أهلها عند محالها، والصمت عند الشبهة و الاقتصاد والعدل في الرضا والغضب، وحسن الجوار، وإكرام الضيف ورحمة المجهود وأصحاب البلاء، وصلة الرحم وحب المساكين ومجالستهم، والتواضع فإنه من أفضل العبادة وقصر الأمل واذكر الموت، وازهد في الدنيا، فإنك رهين موت، وغرض بلا، وصريع سقم.
وأوصيك بخشية الله في سر أمرك وعلانيتك، وأنهاك عن التسرع بالقول و الفعل، وإذا عرض شئ من أمر الآخرة فابدأ به، وإذا عرض شئ من أمر الدنيا فتأنه حتى تصيب رشدك فيه، وإياك ومواطن التهمة والمجلس المظنون به السوء، فإن قرين السوء يغر جليسه.
وكن لله يا بنى عاملا، وعن الخناز جورا، وبالمعروف آمرا، وعن المنكر ناهيا، وواخ الاخوان في الله، وأحب الصالح لصلاحه، ودار الفاسق عن دينك، وابغضه بقلبك، وزايله بأعمالك كي لا تكون مثله، وإياك والجلوس في الطرقات، ودع المماراة ومجاراة من لا عقل له ولا علم.
واقتصد يا بنى في معيشتك، واقتصد في عبادتك، وعليك فيها بالأمر الدائم الذي تطيقه، وألزم الصمت تسلم، وقدح لنفسك تغنم، وتعلم الخير تعلم، وكن لله ذاكرا على كل حال، وارحم من أهلك الصغير، ووقر منهم الكبير، ولا تأكلن طعاما حتى تتصدق منه قبل أكله، وعليك بالصوم فإنه زكاة البدن وجنة لأهله، وجاهد نفسك، واحذر جليسك، واجتنب عدوك، وعليك بمجالس الذكر، وأكثر من الدعاء فإنى لم آلك يا بني نصحا، وهذا فراق بيني وبينك.
وأوصيك بأخيك محمد خيرا، فإنه شقيقك وابن أبيك، وقد تعلم حبى له، فأما