وقد أوصاكم رسول الله (صلى الله عليه وآله) باتباعنا ومودتنا والتمسك بنا، فقال الله - تعالى -:
(قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة فى القربى (1)) - قال: - فتركه أكثر القوم لأجلها، فأمر عمر قنفذ بن عمران يضربها بسوطه، فضربها قنفذ بالسوط على ظهرها وجنبيها إلى أن أنهكها واثر في جسمها الشريف، وكان ذلك الضرب أقوى ضرر في إسقاط جنينها - وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) سماه محسنا - وجعلوا يقودون أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى المسجد حتى أوقفوه بين يدي أبي بكر، فلحقته فاطمة (عليها السلام) المسجد لتخلصه، فلم يتمكن من ذلك، فعدلت إلى قبر أبيها فأشارت إليه بحزنة ونحيب وهي تقول:
نفسي على زفراتها محبوسة * يا ليتها خرجت مع الزفرات لا خير بعدك في الحياة وإنما * ابكى مخافة ان تطول حياتي - ثم قالت: - وا أسفاه عليك يا أبتاه واثكل حبيبك أبو الحسن المؤتمن وأبو سبطيك الحسن والحسين ومن ربيته صغيرا وواخيته كبيرا وأجل أحبائك لديك وأحب أصحابك عليك أولهم سبقا إلى الإسلام ومهاجرة إليك يا خير الأنام، فها هو يساق في الأسر كما يقاد البعير.
ثم إنها أنت أنة وقالت: وا محمداه وا حبيباه وا أباه وا أبوالقاسماه وا أحمداه وا قلة ناصراه وا غوثاه وا طول كربتاه وا حزناه وا مصيبتاه وا سوء صباحاه - وخرت مغشية عليها. فضج الناس بالبكاء والنحيب وصار المسجد مأتما. (2) [276] - 42 - روى سليم بن قيس:
أنه كتب أبو المختار بن أبي الصعق إلى عمر أبياتا ذكر فيها مظالم ولاته وما غصبوه من أموال الناس، فأغرم عمر بن الخطاب تلك السنة جميع عماله أنصاف أموالهم لشعر أبي المختار، ولم يغرم قنفذ العدوي شيئا - وقد كان من عماله - ورد عليه ما أخذ منه - وهو عشرون الف درهم - ولم يأخذ منه عشره ولا نصف عشره،