حنينه وأنينه، وعاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى منبره، ثم قال:
معاشر المسلمين هذا الجذع يحن إلى رسول رب العالمين، ويحزن لبعده عنه و في عباد الله - الظالمين أنفسهم - من لا يبالي قرب من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد.
[و] لو لا أني ما احتضنت هذا الجذع، ومسحت يدي عليه ما هدأ حنينه [و أنينه] إلى يوم القيامة.
وإن من عباد الله وإمائه لمن يحن إلى محمد رسول الله وإلى علي ولي الله كحنين هذا الجذع، وحسب المؤمن أن يكون قلبه على موالاة محمد وعلي وآلهما الطيبين [الطاهرين] منطويا، أرأيتم شدة حنين هذا الجذع إلى محمد رسول الله؟ كيف هدأ لما احتضنه رسول الله ومسح يده عليه؟ قالوا: بلى يا رسول الله.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): والذي بعثني بالحق نبيا، إن حنين خزان الجنان وحور عينها وسائر قصورها ومنازلها إلى من يتولى محمدا وعليا وآلهما الطيبين ويبرأ من أعدائهم لأشد من حنين هذا الجذع الذي رأيتموه إلى رسول الله.
وإن الذي يسكن حنينهم وأنينهم، ما يرد عليهم من صلاة أحدكم - معاشر شيعتنا - على محمد وآله الطيبين، أو صلاته لله نافلة، أو صوم أو صدقة.
وإن من عظيم ما يسكن حنينهم إلى شيعة محمد وعلي ما يتصل [بهم] من إحسانهم إلى إخوانهم المؤمنين، ومعونتهم لهم على دهرهم، يقول أهل الجنان بعضهم لبعض: لا تستعجلوا صاحبكم، فما يبطىء عنكم إلا للزيادة في الدرجات العاليات في هذه الجنان بإسداء المعروف إلى اخوانه المؤمنين.
وأعظم من ذلك - مما يسكن حنين سكان الجنان وحورها إلى شيعتنا - ما يعرفهم الله من صبر شيعتنا على التقية واستعمالهم التورية ليسلموا بها من كفرة عباد الله وفسقتهم فحينئذ يقول خزان الجنان وحورها: لنصبرن على شوقنا إليهم [وحنيننا] كما يصبرون على سماع المكروه في ساداتهم وأئمتهم، وكما يتجرعون الغيظ ويسكتون عن إظهار الحق لما يشاهدون من ظلم من لا يقدرون على دفع مضرته.
فعند ذلك يناديهم ربنا عزوجل: " يا سكان جناني ويا خزان رحمتي ما لبخل