يكتحل، وأنت ربيع الدين، ونور النبيين، فكيف للجبال لا تمور، وللبحار بعدك لا تغور، والأرض كيف لم تتزلزل.
رميت يا أبتاه بالخطب الجليل، ولم تكن الرزية بالقليل، وطرقت يا أبتاه بالمصاب العظيم، وبالفادح المهول.
بكتك يا أبتاه الأملاك ووقفت الأفلاك فمنبرك بعدك مستوحش، ومحرابك خال من مناجاتك، وقبرك فرح بمواراتك، والجنة مشتاقة إليك وإلى دعائك وصلاتك.
يا أبتاه ما أعظم ظلمة مجالسك، فوا أسفاه عليك إلى أن أقدم عاجلا عليك و اثكل أبو الحسن المؤتمن أبو ولديك، الحسن والحسين، وأخوك ووليك وحبيبك و من ربيته صغيرا، وواخيته كبيرا، وأحلى أحبابك وأصحابك إليك من كان منهم سابقا ومهاجرا وناصرا، والثكل شاملنا، والبكاء قاتلنا، والأسى لازمنا.
ثم زفرت زفرة وأنت أنة كادت روحها ان تخرج ثم قالت:
قل صبري وبان عني عزائي * بعد فقدي لخاتم الأنبياء عين يا عين اسكبي الدمع سحا * ويك لا تبخلي بفيض الدماء يا رسول الإ له يا خيرة الله * وكهف الأيتام والضعفاء قد بكتك الجبال والوحش جمعا * والطير والأرض بعد بكي السماء وبكاك الحجون والركن والمشعر * يا سيدي مع البطحاء وبكاك المحراب والدرس * للقرآن في الصبح معلنا والمساء وبكاك الإسلام إذ صار في النا * س غريبا من سائر الغرباء لو ترى المنبر الذي كنت تعلو * ه علاه الظلام بعد الضياء يا الهى عجل وفاتي سريعا * فلقد تنغصت الحياة يا مولائى قالت: ثم رجعت إلى منزلها وأخذت بالبكاء والعويل ليلها ونهارها، وهي لا ترقأ دمعتها. ولاتهدأ زفرتها.
واجتمع شيوخ أهل المدينة وأقبلوا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقالوا له: يا أبا الحسن إن فاطمة (عليها السلام) تبكى الليل والنهار فلا أحد منا يتهنأ بالنوم في الليل على فرشنا، ولا