قرينان متلازمان، فالقرآن الكريم كما أنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؛ لأنه كلام الله تبارك وتعالى، كذلك أهل البيت عترة النبي المصطفى عليه وعليهم أشرف التحية والتسليم، مأمونون من الخطأ، معصومون من كل زلل في القول والفعل سواء؛ لأن ذلك من مستلزمات إمامتهم ووصايتهم للنبوة الخاتمة، وهم بطبيعة الحال أعلم الأمة بالقرآن والفقه، وبكل ما يحتاج إليه الناس من الأحكام الواقعية الحقيقية.
ومع أن أكثر الأمة الإسلامية آنذاك - خاصة مجتمع مكة والمدينة باعتبارهما الأقرب والأكثر اتصالا بمصدر الرسالة - تركت كلام نبيها وراء ظهرها، وخالفت وصاياه في عترته أهل بيته (عليهم السلام) فقد فرض عليها - من جانب آخر - حكام الجور المنحرفين من بني الشجرة الملعونة في القرآن الكريم ومن تلاهم من بني العباس أحاديث موضوعة، وأحكاما مخالفة للدين، وعقائد مبتدعة. وكتب التاريخ ومصادره، والموسوعات الحديثية ضع يدك على أي شئت منها، فستجد فيها من ذلك ما يبهر العقول، ويكلم القلوب. ولسنا في معرض إيراد الشواهد على هذا الأمر، إذ الكتاب ليس موضوعها، ثم هي غير خافية على الباحث المنصف اللبيب.
ويستخلص من سير التاريخ وأحداثه أن بني أمية ومنذ زمن الطاغية معاوية بن أبي سفيان الذي علا في الأرض وجعل أهلها شيعا، وحتى نهاية دولتهم على يد بني العباس، ثم تبعهم العباسيون، إنما أرادوا بنحو أو بآخر مسخ هذا الدين الحنيف، وتغيير معالمه بالرغم من أنهم كانوا يتخذونه ستارا يستترون به لاستمرار حكوماتهم وتسلطهم على رقاب المسلمين.
لكن يمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين. ويأبى الله إلا أن يتم نوره، ويحفظ رسالته، فقيض رجالا مخلصين، لم تتلاعب بهم الأهواء، ولم يميلوا من