فهذه أربعة نصوص قالها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أربع مناسبات، تأكيدا لفضل أهل بيته، ووجوب تقديمهم، وعدم التقدم عليهم، وهي نصوص واضحة جلية على إمامتهم وأهليتهم لقيادة الأمة من بعده صلوات الله وسلامه عليه، وهو عهد إلهي عهده إلى نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمره سبحانه بتبليغه إلى الأمة لصيانتها من الانحراف والتفرق بعد رحيله (صلى الله عليه وآله وسلم) عنها. بل أناط سبحانه وتعالى قبول تبليغ الرسالة بتبليغ هذا الأمر ﴿يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس﴾ (1). فالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) عهد - بدوره - ذلك العهد إلى أمته، ولكن ماذا فعلت أمته بعترته؟!!
وأما مصادر حديث الثقلين، فهي كثيرة جدا لسنا بصدد إيرادها وحصرها هنا، إنما نشير إلى بعضها على سبيل المثال، فممن رواه: مسلم في صحيحه، والنسائي والدارمي والترمذي في سنتهم، والحاكم النيسابوري في المستدرك، والبغوي في مصابيح السنة، والطبراني في المعجم الصغير والكبير، وابن سعد في الطبقات الكبرى، وغيرهم (2)، بل إن البعض من علماء أهل السنة أرسله إرسال المسلمات، ودون المناقشة فيه لعلو إسناده.
مما تقدم نستخلص أن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) جعل عترته أهل بيته - الأئمة الاثني عشر - عدل الكتاب العزيز، وأمر أمته بالتمسك بهما معا، دون أحدهما وترك الآخر؛ فالقرآن الكريم يعرف عترة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته، ويمدحهم في آيات عديدة، ويشير إلى عصمتهم. والعترة تفسر القرآن، وتحل مبهمات آياته ومتشابهاتها، وتوضح ما يحتاج إلى شرح وبيان وتفسير كونهم هم الراسخون في العلم وحدهم.