بفعلهم. فخرجت حتى قطعت إليهم دجلة، أوجه السفراء والنصحاء، وأطلب العتبى بجهدي بهذا مرة وبهذا مرة - وأومأ بيده إلى الأشتر، والأحنف بن قيس، وسعيد بن قيس الأرحبي، والأشعث بن قيس الكندي - فلما أبوا إلا تلك ركبتها منهم فقتلهم الله - يا أخا اليهود - عن آخرهم، وهم أربعة آلاف أو يزيدون، حتى لم يفلت منهم مخبر، فاستخرجت ذا الثدية من قتلاهم بحضرة من ترى، له ثدي كثدي المرأة. ثم التفت (عليه السلام) إلى أصحابه فقال: أليس كذلك؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.
فقال (عليه السلام): قد وفيت سبعا وسبعا يا أخا اليهود، وبقيت الأخرى، وأوشك بها فكأن قد (1). فبكى أصحاب علي (عليه السلام)، وبكى رأس اليهود، وقالوا: يا أمير المؤمنين، أخبرنا بالأخرى؟
فقال: الأخرى أن تخضب هذه - وأومأ بيده إلى لحيته - من هذه - وأومأ بيده إلى هامته -. قال: وارتفعت أصوات الناس في المسجد الجامع بالضجة والبكاء، حتى لم يبق بالكوفة دار إلا خرج أهلها فزعا، وأسلم رأس اليهود على يدي علي (عليه السلام) من ساعته. ولم يزل مقيما حتى قتل أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأخذ ابن ملجم لعنه الله، فأقبل رأس اليهود حتى وقف على الحسن (عليه السلام) والناس حوله وابن ملجم لعنه الله بين يديه، فقال له: يا أبا محمد، أقتله قتله الله؛ فإني رأيت في الكتب التي أنزلت على موسى (عليه السلام) أن هذا أعظم عند الله عز وجل جرما من ابن آدم قاتل أخيه، ومن القدار عاقر ناقة ثمود (2).