لأهل الشام بالمشاركة فيه والمساهمة، رجاء أن يعطفوا إليه، واستمالة لقلوبهم وإظهارا للمعدلة وحسن السيرة فيهم، مكث أياما لا يرسل إلى معاوية، ولا يأتيه من عند معاوية أحد.
واستبطأ أهل العراق إذنه لهم في القتال، وقالوا: يا أمير المؤمنين! خلفنا ذرارينا ونساءنا بالكوفة، وجئنا إلى أطراف الشام لنتخذها وطنا؟! ائذن لنا في القتال، فإن الناس قد قالوا.
قال لهم (عليه السلام): ما قالوا؟
فقال منهم قائل: إن الناس يظنون أنك تكره الحرب كراهية للموت، وإن من الناس من يظن أنك في شك من قتال أهل الشام.
فقال (عليه السلام): ومتى كنت كارها للحرب قط؟ إن من العجب حبي لها غلاما ويفعا، وكراهيتي لها شيخا بعد نفاد العمر وقرب الوقت!
وأما شكي في القوم فلو شككت فيهم لشككت في أهل البصرة، والله، لقد ضربت هذا الأمر ظهرا وبطنا، فما وجدت يسعني إلا القتال، أو أن أعصي الله ورسوله، ولكني أستأني بالقوم، عسى أن يهتدوا أو تهتدي منهم طائفة، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لي يوم خيبر: لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس (1).
2464 - الإمام علي (عليه السلام) - من كلام له (عليه السلام) وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين -: أما قولكم: أكل ذلك كراهية الموت؟ فوالله ما أبالي، دخلت إلى الموت أو خرج الموت إلي.