إليه وقد أخذ القوم السيوف هاربا يعدو من الصف، فنهنهت (5) عنه، فلم يسمع من نهنهت حتى قتله. وكان هذا مما خفي على فتيان قريش، أغمار (1) لا علم لهم بالحرب، خدعوا واستزلوا، فلما وقفوا وقعوا فقتلوا.
ثم مشى قليلا فمر بكعب بن سور (2) فقال: هذا الذي خرج علينا في عنقه المصحف، يزعم أنه ناصر أمه، يدعو الناس إلى ما فيه وهو لا يعلم ما فيه، ثم استفتح وخاب كل جبار عنيد (3). أما إنه دعا الله أن يقتلني، فقتله الله. أجلسوا كعب بن سور. فأجلس، فقال أمير المؤمنين: يا كعب، قد وجدت ما وعدني ربي حقا، فهل وجدت ما وعدك ربك حقا؟ ثم قال: أضجعوا كعبا.
ومر على طلحة بن عبيد الله فقال: هذا الناكث بيعتي، والمنشئ الفتنة في الأمة، والمجلب علي، الداعي إلى قتلي وقتل عترتي، أجلسوا طلحة. فأجلس، فقال أمير المؤمنين: يا طلحة بن عبيد الله، قد وجدت ما وعدني ربي حقا، فهل وجدت ما وعد ربك حقا؟ ثم قال: أضجعوا طلحة، وسار.
فقال له بعض من كان معه: يا أمير المؤمنين، أتكلم كعبا وطلحة بعد قتلهما؟
قال: أم والله، إنهما لقد سمعا كلامي كما سمع أهل القليب (4) كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله)