الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ٢ - الصفحة ٧٣٤
فصل في ذكر وفاته (1) ومدة عمره وإمامته (عليه السلام) قال أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في كتابه " إعلام الورى " بعد أن تم (2)
(١) حين قرر معاوية بن أبي سفيان أن يجعل ولده يزيدا ولى عهده، مع علمه بأن هذا الأمر صعب المنال نظرا لأن الصلح الذي أبرم بينه وبين الإمام الحسن (عليه السلام) كان من بين شروطه أن يترك معاوية أمر المسلمين شورى بينهم بعد وفاته.
ولذا سعى في موت الحسن بكل جهده، وأرسل مروان بن الحكم (طريد النبي (صلى الله عليه وآله)) إلى المدينة وأعطاه منديلا مسموما وأمره بأن يوصله إلى زوجةالإمام الحسن (عليه السلام) جعدة بنت الأشعث بن قيس بما استطاع من الحيل لكي تجعل الحسن يستعمل ذلك المنديل المسموم بعد قضاء حاجته وأن يتعهد لها بمبلغ مائة ألف درهم ويزوجها من ابنه يزيد. فذهب مروان تنفيذا لأمر معاوية واستفرغ جهده حتى خدع زوجة الحسن ونفذت المؤامرة.
في المقاتل لأبي الفرج الأصبهاني: ٤٣، وأنساب الأشراف: ١ / ٤٠٤، وابن أبي الحديد في شرح النهج: ٤ / ١١ و ١٧:... وأراد معاوية البيعة لابنه يزيد، فلم يكن شيء أثقل عليه من أمر الحسن بن علي وسعد بن أبي وقاص، فدس إليهما سما فماتا منه.
وسبب ثقل أمر الحسن وسعد عليه هو: أن سعدا كان الباقي من الست أهل الشورى الذين رشحهم عمر للخلافة من بعده، وأما الحسن فلما جاء في معاهدة الصلح بينهما: أن يكون الأمر للحسن من بعده، وليس لمعاوية أن يعهد به إلى أحد. انظر ابن كثير: ٨ / ٤١، تاريخ الخلفاء: ١٣٨، الإصابة ترجمة الحسن، ابن قتيبة: ١٥٠، ابن أبي الحديد: ٤ / ١٣، الصواعق: ٨١.
أما إنه كيف اغتالهما؟ فلم نجد من يشرح كيفية اغتيال سعدا، أما الحسن فقد روى المسعودي في مروج الذهب بهامش الكامل: ٢ / ٣٥٣، ٦ / ٥٥، والمقاتل أيضا: ٧٣، وتهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر: ٤ / ٢٢٦، وأسماء المغتالين من الأشراف: ٤٤، وتاريخ اليعقوبي: ٢ / ٢٢٥، وابن الأثير:
٢ / ١٩٧، وابن شحنة بهامش ابن الأثير: ١١ / ١٣٢، وابن كثير: ٨ / ٤٣، وابن أبي الحديد في وشرح النهج: ٤ / ٤ و ١٧، وابن حجر في الصواعق المحرقة: ١٣٦ ب ١٠ فصل ١ وغيرهم قالوا: إن جعدة بنت الأشعث بن القيس الكندي سقته السم؛ وقد كان معاوية دس إليها: أنك إن احتلت في قتل الحسن وجهت إليك بمائة ألف درهم، وزوجتك يزيد، فكان ذلك الذي بعثها على سمه. فلما مات وفى لها معاوية بالمال، وأرسل إليها: إنا نحب حياة يزيد، ولو لا ذلك لوفينا لك بتزويجه. وانظر أيضا تاريخ الدول الإسلامية: ١ / ٥٣، تذكرة الخواص: ٦٢، تاريخ أبي الفداء: ١ / ١٩٤.
وحرى بهذه الأثيمة أن تجيب نداء ابن هند فهي من أسرة انتهازية لها تاريخها الأسود، فقد جبلت على الطمع وعلى الاستجابة لجميع الدوافع المادية، وقد قال الإمام الصادق (عليه السلام) فيها كما في أعيان الشيعة: ٤ / ٧٨، والكافي: ٨ / ١٦٧ / ١٨٧: إن الأشعث شرك في دم أمير المؤمنين، وابنته جعدة سمت الحسن، وابنه شرك في دم الحسين. وقريب من هذا وذاك في الاستيعاب: ١ / ٣٨٩، تاريخ الخلفاء للسيوطي: ٧٤، مستدرك الحاكم: ٣ / ١٧٦، الإرشاد للشيخ المفيد: ٣ / ١٥، البحار: ٤٤ / ١٥٧ و ١٤٩ / ٢٦ و ١٨، العدد القوية (مخطوط): ٧٣، المناقبلابن شهرآشوب: ٣ / ١٩١، كشفه الغمة:
١ / ٥٨٤، روضة الواعظين: ٢٠٠، الاحتجاج للطبرسي: ٢ / ١١، الكافي: ١ / ٤٦٢ ح ٣، الخرائج والجرائح (مخطوط ١٢٥): ح ٧.
وبعد كل هذا نرى بعض المؤرخين الحاقدين يبررون قتل الإمام (عليه السلام) من قبل معاوية كابن خلدون في: ٢ / ١٨٧ قال: وما ينقل من أن معاوية دس إليه السم مع زوجته جعده فهو من أحاديث الشيعة، وحاشا لمعاوية من ذلك... الله الله من قول المتعصب هنا فإنه يعترف بأن معاوية حارب أبا الحسن عليا وهو خليفة رسول الله باتفاق المسلمين ويقتل من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) جمع كثير في هذه المعركة ويحارب الحسن (عليه السلام) وهو ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم يستخلف يزيد ابنه وهو شارب الخمر المتهتك الفاسق ثم يقتل حجرا وأصحاب حجر ثم يعمل أعمالا دون ذلك؟ وأما دسه السم فحاشا له من ذلك؟!
وقد سار على نهج ابن خلدون الدكتور فيليب متي في كتابه العرب: ٧٩، واستند عبد المنعم في كتابه التاريخ السياسي: ٢ / ٢٠ إلى قول ابن خلدون أيضا حيث قال:... ولكنا نستبعد قيام معاوية بذلك.
وهنالك أقوال غريبة في هذا الصدد أشار إليها العلامة باقر شريف القرشي في كتابه الحياة السياسية للإمام الحسن (عليه السلام) في: ٢ / ٤٧٩ كقول المستشرق روايت م. رونلدس في كتابه عقيدة الشيعة: ٩٠ والمستشرق لامنس في دائرة المعارف الإسلامية: 7 / 400 وقد ذهبا إلى أن الإمام الحسن (عليه السلام)مات بالسل.
أما الأستاذ حسين واعظ في روضة الشهداء: 107 فقد قال: مات بسبب عصا مسمومة ضغطها على رجله... وفي البدء والتاريخ: 6 / 5 طبعة باريس أنه مات بطعنة شخص بظهر قدمه بزج مسموم وهو يطوف في بيت الله الحرام فتوفى على أثر ذلك....
أما الدكتور حسن إبراهيم حسن فقد ذهب في كتابه تاريخ الإسلام السياسي: 1 / 398 إلى أن الإمام مات حتف أنفه.