الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ٢ - الصفحة ٧٤٠
العاص (1) فإنه كان يومئذ واليا على المدينة من جهة معاوية (2) وصلى عليه الحسين (عليه السلام) (3) ودفن بالبقيع عند جدته فاطمة بنت أسد (عليها السلام) (4) وعمره (رض) إذ ذاك سبع وأربعون
(١) تقدمت ترجمته. وفي (ب، ج): سعيد بن أبي وقاص.
(٢) انظر العقد الفريد: ٣ / ٦٧ و ١٢٨ و، و: / ٣٦١، مستدرك الحاكم: ٣ / ١٧٣، الاستيعاب: ١ / ٣٨٩ بزياد: قدمه الحسين للصلاة على أخيه، وقال: لو لا انه سنة ما قدمتك، المعارف لابن قتيبة: ٢١٢، شحر النهج لابن أبي الحديد: ٤ / ١٨، ابن الأثير: ٣ / ١٨، الطبقات الكبرى في ترجمة سعيد:
٥ / ١٩ - ٢٤، المقاتل: ٨٣.
(٣) انظر تاريخ الخميس: ٢ / ٣٢٣، الكافي: ١ / ٣٠٢ / ٣، البحار: ٤٤ / ١٤٢ / ٩. وهذا هو الرأي الصحيح لأن القول الأول بعيد نظرا لتوتر العلاقات بين الأمويين والهاشميين فكيف يقدم الحسين عميدهم للصلاة عليه. ومن الثابت تاريخيا أيضا انه لم يحضر أحد من الأمويين في الصلاة سوى سعيد بن العاص.
(٤) انظر الإصابة: ١ / ٣٣٠، تاريخ ابن عساكر: ٨ / ٢٢٨، البداية والنهاية: ٨ / ٤٤، الاستيعاب: ١ / ٣٨٩، العقد الفريد: ٣ / ١٢٨، مروج الذهب: ٢ / ٥١، المناقبلابن شهرآشوب: ٢ / ١٧٥، رحلة ابن بطوطة:
٧٦، عيون ابن قتيبة: ٢ / ٣١٤، الإمام الحسن بن علي للملطاوي: ٧٢، وسمط النجوم العوالي:
٢ / ٥٣٩، الإرشاد للشيخ المفيد: ٢ / ١٥، دلائل الإمامة: ٦١، المقاتل: ٧٤، شرح النهج لابن أبي الحديد: ١٦ / ٤٩ - ٥١، الخرائج والجرائح: ١ / ٢٤٢ ح ٨، بحار الأنوار: ٤٤ / ١٥٦، كفاية الطالب:
٢٦٨ أمالي الطوسي: ١٥٩، الكافي: ١ / ٣٠٢ / ٣، عيون المعجزات: ٦٠ - ٦٥، ابن الأثير: ٣ / ١٩٧.
الفتنة الكبرى:
اتجهت مواكب التشييع نحو المرقد النبوي لتجدد العهد بجده (صلى الله عليه وآله) لكن لما علم الأمويون ذلك تجمعوا وانضم بعضهم إلى بعض بدافع الأنانية والحقد والعداء للهاشميين إلى إحداث شغب ومعارضة لدفن الإمام بجوار جده لأنهم رأوا أن عميدهم عثمان دفن في حش كوكب - مقبرة اليهود - فكيف يدفنالحسن (عليه السلام) مع جده فيكون ذلك عارا عليهم وخزيا فأخذوا يهتفون بلسان الجاهلية الحمقاء: يا رب هيجاء، هي خير من دعة، أيدفن عثمان بأقصى المدينة ويدفن الحسن عنده جده؟
وانعطف مروان بن الحكم وسعيد بن العاص نحو عائشة وهما يستفزانها ويستنجدان بها لمناصرتهم بذلك وهما يعرفان دخيلة عائشة وما تنطوي عليها نفسها بما تكنه من الغيرة والحسد لولد فاطمة (عليها السلام) قائلين لها: يا أم المؤمنين، إن الحسين يريد أن يدفن أخاه الحسن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) والله لئن دفن الحسن بجوار جده ليذهبن فخر أبيك، وصاحبه عمر إلى يوم القيامة. فألهبت هذه الكلمات نار الثورة في نفسها فاندفعت بغير اختيار لمناصرتهما راكبة على بغل وهو تقول: مالي ولكم تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أحب؟! وكادت أن تقع الفتنة بين بني هاشموبني أمية، فبادر ابن عباس إلى مروان فقال له: ارجع يا مروان من حيث جئت، فإنا ما نريد أن ندفن صاحبنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) بل نريد أن نجدد العهد به، ثم نرده إلى جدته فاطمة بنت أسد فندفنه عندها لوصيته بذلك، ولو كان وصى بدفنه مع النبي (صلى الله عليه وآله) لعلمت انك أقصر باعا من ردنا عن ذلك، لكنه (عليه السلام) كان أعلم بالله ورسوله وبحرمة قبره من أن يطرق عليه هدما كما طرق ذلك غيره، ودخل بيته بغير إذنه.
ثم أقبل على عائشة فقال لها: وا سوأتاه! يوما على بغل ويوما على جمل... وفي رواية قال ابن عباس: يوما تجملت ويوما تبغلت، وإن عشت تفيلت... فأخذه ابن الحجاج الشاعر البغدادي فقال:
يا بنت أبي بكر * لا كان ولا كنت لك التسع من الثمن * وبالكل تملكت تجملت تبغلت * وإن عشت تفيلت هذا الخبر رواه الفريقان من أهل السنة والشيعة بتغير ببعض عباراته كل بحسب مذهبه، فانظر الإرشاد للشيخ المفيد: ٢ / ١٨ و ١٩، ودلائل الإمامة: ٦١، ومقاتل الطالبيين: ٨٢، وشرح النهج لابن أبي الحديد: ٤ / ١٨، و: ١٦ / ٤٩ - ٥١، الخرائج والجرائح: ١ / ٢٤٢ ح ٨، البحار: ٤٤ / ١٥٦، تذكرة الخواص: ٢٢٣، تاريخ اليعقوبي: ١ / ٢٠٠.
وقال الحسين (عليه السلام): والله لولا عهد الحسن إلي بحقن الدماء وأن لا أهريق في أمره محجمة دم لعلمتم كيف تأخذ سيوف الله منكم مأخذها... انظر المصادر السابقة وتاريخ أبي الفداء: ١ / ١٩٢، روضة الواعظين: ١٤٣، والعقد الفريد: ٣ / ١٢٨، أنساب الأشراف: ١ / ٤٠٤، المناقبلابن شهرآشوب:
٢ / ١٧٥، أمالي الشيخ الطوسي: ١٥٩ بزيادة فقطبت - عائشة - بوجهها ونادت بأعلى صوتها: أو - ما نسيتم الجمل يا بن عباس؟ إنكم لذوو أحقاد، فقلت: أما والله ما نسيته أهل السماء فكيف ينساه أهل الأرض، فانصرفت وهي تقول:
فألقت عصاها واستقر بها النوى * كما قر عينا بالإياب المسافر انظر الكافي: ١ / ٣٠٢ ح ٣، علل الشرائع: ١ / ٢٢٥ ح ٣، عيون المعجزات: ٦٠ - ٦٥. ولا نريد أن نتحدث عن مواقف عائشة السلبي من سبطي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلقد كانت تحتجب منهما وهما لها من المحارم، انهما سبطا زوجها ولا تحل لهما ولا يحلان لها... وسبق وأن ناقشنا ذلك من خلال المصادر التاريخية كطبقات ابن سعد: ٨ / ٥٠، وكتاب عائشة والسياسة: ٢١٨، وإعلام الورى في أعلام الهدى: ١٢٦.
وهنا نذكر قول القاسم بن محمد الطيب وابن الطيب - ابن أخيها - فزجرها وردعها عن موقفها قائلا:
يا عمة، ما غسلنا رؤوسنا من يوم الجمل الأحمر أتريدون أن يقال يوم البغلة الشهباء كما ورد في تاريخ اليعقوبي: ١ / ٢٠٠.
أما سرور معاوية فكان لا يوصف حيث كبر وسجد لله شكرا وكبر من كان معه في الخضراء، ولما سمعت ذلك زوجه فاختة بنت قرضة خرجت من خوخة لها فرأت زوجها قد غمره الفرح والسرور فقالت له: سرك الله يا أمير المؤمنين، ما هذا الذي بلغك فسررت به؟ قال: موت الحسن. فاستعبرت وقالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم بكت وقالت: مات سيد المسلمين، وابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما جاء في مروج الذهب: ٢ / ٣٠٥. وأخذ معاوية يتعجب من سرعة تأثير السم الذي بعثه للإمام قائلا: يا عجبا من الحسن شرب شربة من عسل بماء رومة فقضى نحبه! كما جاء في الاستيعاب: ١ / 374. وانظر كفاية الطالب: 268، مقتل الحسين للخوارزمي: 1 / 141 الفتوح لابن أعثم: 2 / 323 هامش رقم 3.