وسترها بالسقلاط (1) وجعل مع كل واحدة منهما خيلا وأرسل بواحدة منهما من على طريق البصرة وبواحدة [من] على طريق الكوفة، وإنما فعل الرشيد ذلك ليعمي أمره على الناس.
وكان موسى الكاظم في القبة التي أرسل بها على طريق البصرة، وأوصى القوم الذين كانوا معه أن يسلموه إلى عيسى بن جعفر بن منصور (2) وكان على البصرة يومئذ واليا، فسلموه إليه، فتسلمه منهم وحبسه عنده سنة (3).
فبعد السنة كتب إليه الرشيد في سفك دمه وإراحته منه، فاستدعى عيسى بن جعفر بعض خواصه وثقاته اللائذين (4) به والناصحين له فاستشارهم بعد أن أراهم ما كتب به إليه الرشيد، فقالوا: نشير عليك بالاستعفاء من ذلك وأن لا تقع فيه، فكتب عيسى بن جعفر إلى الرشيد يقول: يا أمير المؤمنين كتبت إلى في هذا الرجل وقد اختبرته طول مقامه في حبسي بمن حبسته معه عينا عليه لتنظروا (5) حيلته وأمره وطويته بمن له المعرفة والدراية ويجري من الإنسان مجرى الدم، فلم يكن منه سوء قط، ولم يذكر أمير المؤمنين إلا بخير، ولم يكن عنده تطلع إلى ولاية ولا خروج ولا شئ من أمر الدنيا، ولاقط دعا على أمير المؤمنين ولا على أحد من