وجئني (1) بالسفط الذي فيه على حالته بختمه. فلم يلبث الخادم إلا قليلا حتى عاد وفي صحبته السفط مختوما على حالته بختمه، فوضع بين يدي الرشيد، فأمر بكسر (2) ختمه ففك وفتح السفط فإذا بالدراعة فيه مطوية ومدفونة بالطيب على حالها لم تلبس ولم تدنس ولم يصبها شيء من الأشياء. فقال لعلي بن يقطين:
ارددها (3) إلى مكانها وخذها وانصرف راشدا فلن أصدق (4) بعدها عليك ساعيا، وأمر أن يتبع بجائزة سنية وأمر أن يضرب الساعي ألف سوط فضرب، فلما بلغوا إلى خمسمائة سوط مات تحت الضرب قبل الألف (5).
وكان [أبو الحسن] موسى الكاظم (عليه السلام) أعبد أهل زمانه وأعلمهم (6) وأسخاهم كفا وأكرمهم نفسا (7)، وكان يتفقد فقراء المدينة في الليل ويحمل إليهم الدراهم والدنانير إلى بيوتهم والنفقات ولا يعلمون من أي جهة وصلهم ذلك، ولم يعلموا بذلك إلا بعد