وهم كانوا ممن أمر قريشا أن يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه حين بعثوا إليهم النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط وأتى رهط منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد هذا الله خلق الخلق فمن خلقه فغضب حتى امتقع لونه ثم ساورهم غضبا لربه فجاءه جبريل فسكنه وأنزل عليه (قل هو الله أحد) السورة فلما تلاها عليهم قالوا فصف لنا كيف خلقه وكيف ذراعه وكيف عضده فغضب أشد من غضبه الأول فأتاه جبريل من الله تعالى بقوله تعالى (وما قدروا الله حق قدره) الآية. وكان الذين حزبوا الأحزاب من قريش غطفان وبنى قريظة حيى ابن أخطب وسلام بن أبي الحقيق أبو رافع والربيع بن الربيع بن أبي الحقيق وأبو عمار ووحوح بن عامر وهوذة بن قيس فإما وحوح وأبو عمار وهوذة فمن بنى وائلة وسائرهم من بنى النضير فلما قدموا على قريش قالوا هؤلاء أحبار يهود وأهل العلم بالكتاب الأول فاسألوهم أدينكم خير أم دين محمد فسألوهم فقالوا بل دينكم خير من دينه وأنتم أهدى منه ومن اتبعه فأنزل الله فيهم (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا) إلى قوله (ملكا عظيما).
قال ابن إسحاق: وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نصارى نجران ستون راكبا فيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم في الأربعة عشر منهم ثلاثة نفر إليهم يؤل أمرهم العاقب أمير القوم وذو رأيهم واسمه عبد المسيح والسيد ثمالهم وصاحب رجلهم واسمه الأيهم وأبو حارثة بن علقمة أخو بكر بن وائل أسقفهم وخيرهم وحبرهم وامامهم فكان أبو حارثة قد شرف فيهم ودرس كتبهم حتى حسن علمه في دينهم فكانت ملوك الروم من أهل النصرانية قد شرفوه ومولوه وأخدموه وبنوا له الكنائس فبسطوا عليه الكرامات لما يبلغهم عنه من علمه واجتهاده في دينهم