وأمرت وقضيت وخلقت ولكنه هو عيسى ومريم ففي كل ذلك من قولهم نزل القرآن فلما كلمه الحبران قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلما قالا قد أسلمنا قال إنكما لم تسلما فاسلما قالا بلى قد أسلمنا قبلك قال كذبتما يمنعكما من الاسلام دعاؤكما لله ولدا وعبادتكما الصليب وأكلكما الخنزير قالا فمن أبوه يا محمد فصمت فلم يجبهما فأنزل الله صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من الله عنه والفصل من القضاء بينه وبينهم وامر بما أمر من ملاعنتهم ان ردوا ذلك عليه دعاهم إلى ذلك فقالوا يا أبا القاسم دعنا ننظر في امرنا ثم نأتك بما تريد ان تفعل فيما دعوتنا إليه فانصرفوا عنه ثم خلوا بالعاقب وكان ذا رأيهم فقالوا يا عبد المسيح ما ترى فقال والله يا معشر النصارى لقد عرفتم ان محمدا لنبي مرسل ولقد جاءكم من خبر صاحبكم ولقد علمتم ما لاعن قوم نبيا قط فبقى كبيرهم ولا نبث صغيرهم وانه للاستئصال منكم ان فعلتم فان كنتم قد أبيتم الا الف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم فوادعوا الرجل ثم انصرفوا إلى بلادكم فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا أبا القاسم قد رأينا ان لا نلاعنك وان نتركك على دينك ونرجع على ديننا ولكن ابعث معنا رجلا من أصحابك ترضاه لنا يحكم بيننا في أشياء اختلفنا فيها من أموالنا فإنكم عندنا رضى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتوني العشية ابعث معكم القوى الأمين فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول ما أحببت الامارة قط حبى إياها يومئذ رجاء ان يكون صاحبها فرحت إلى الظهر مهجرا فلما صلى بنا رسول الله صلى عليه وسلم الظهر سلم ثم نظر عن يمينه ويساره فجعلت أتطاول ليراني فلم يزل يلتمس ببصره حتى رأى أبا عبيدة بن الجراح فدعاه فقال اخرج معهم فاقض بينهم بالحق فيما اختلفوا فيه قال عمر فذهب بها أبو عبيدة رضي الله عنه.
(٢٩١)