(ذكر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه وغيرهم إلى الاسلام) قال ابن إسحاق ثم دخل الناس في الاسلام أرسالا من الرجال والنساء حتى فشا ذكر الاسلام بمكة وتحدث به ثم إن الله عز وجل أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يصدع بما جاءه منه وأن ينادى في الناس بأمره ويدعو إليه وكان مدة ما أخفى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره واستسر به إلى أن أمره الله باظهاره ثلاث سنين فيما بلغني من بعثه ثم قال الله له (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين) ثم قال (وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين وقل إني أنا النذير المبين) فلما بادي رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه بالاسلام وصدع به كما أمره الله لم يبعد منه قومه ولم يردوا عليه حتى ذكر آلهتهم وعابها فلما فعل ذلك أعظموه وناكروه وأجمعوا خلافه وعداوته صلى الله عليه وسلم إلا من عصم الله منهم بالاسلام وهم قليل مستخفون وحدب على رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه أبو طالب ومنعه وقام دونه ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مظهرا له لا يرده عنه شئ فلما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعتبهم من شئ أنكروه عليه من فراقهم وعيب آلهتهم ورأوا أن عمه أبا طالب قد حدب عليه وقام دونه ولم يسلمه لهم مشى رجال من أشرافهم إلى أبى طالب فقالوا يا أبا طالب ان أبن أخيك قد سب آلهتنا وعاب ديننا وسفه أحلامنا وضلل آباءنا فاما أن تكفه عنا وإما أن تخلى بيننا وبينه فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه فقال لهم أبو طالب قولا رفيقا وردهم ردا جميلا فانصرفوا عنه ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما هو
(١٣١)