فلما وجهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نجران جلس أبو حارثة على بغلة له موجها إلى جنبه أخ له يقال له كوز بن علقمة فعثرت بغلة أبى حارثة فقال كوز (1) تعس الا بعد يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له أبو حارثة بل أنت تعست قال ولم يا أخي قال بلى والله انه للنبي الذي كنا ننتظر فقال له كوز فما يمنعك منه وأنت تعلم هذا قال ما صنع بنا هؤلاء القوم شرفونا ومولونا وأكرمونا وقد أبوا إلا خلافه فلو فعلت نزعوا منا كل ما ترى فأضمر عليها منه أخوه كوز بن علقمة حتى أسلم بعد ذلك فهو كان يحدث عنه هذا الحديث فيما بلغني ودخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم مسجده حين صلى العصر عليهم ثياب الحبرات (2) جبب وأردية في جمال رجال بنى الحرث بن كعب فقال يقول بعض من رآهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ ما رأينا بعدهم وفدا مثلهم وقد حانت صلاتهم فقالوا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوهم فصلوا إلى المشرق وكان تسمية الأربعة عشر السيد والعاقب وأبو حارثة وأوس والحرث وزيد وقيس ويزيد ونبيه وخويلد وعمرو وخالد و عبد الله ويحنس فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو حارثة والعاقب والأيهم وهم من النصرانية على دين الملك مع اختلاف في امرهم يقولون هو الله ويقولون هو ولد الله ويقولون هو ثالث ثلاثة وكذلك قول النصرانية فهم يحتجون في قولهم هو الله بأنه كان يحيى الموتى ويبرئ الأسقام ويخبر بالغيوب ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طائرا، وذلك كله بأمر الله تبارك وتعالى وليجعله آية للناس، ويحتجون في قولهم بأنه ثالث ثلاثة بقول الله فعلنا وأمرنا وخلقنا وقضينا فيقولون لو كان واحدا ما قال الا فعلت
(٢٩٠)