فقال جماعة لم يكن متبعا لشئ وهذا قول الجمهور فالمعاصي على هذا القول غير موجودة ولا معتبرة في حقه حينئذ إذ الأحكام الشرعية إنما تتعلق بالأوامر والنواهي وتقرر الشريعة ثم احتلفت حجج القائلين بهذه المقالة عليها فذهب سيف السنة ومقتدى فرق الأمة القاضي أبو بكر إلى أن طريق العلم بذلك النقل وموارد الخبر من طريق السمع وحجته أنه لو كان ذلك لنقل ولما أمكن كتمه وستره في العادة إذ كان من مهم أمره وأولى ما اهتبل به من سيرته ولفخر به أهل تلك الشريعة ولا احتجوا به عليه ولم يؤثر شئ من ذلك جملة، وذهبت طائفة إلى امتناع ذلك عقلا قالوا: لأنه يبعد أن يكون متبوعا من عرفا تابعا، وبنوا هذا على التحسين والتقبيح وهي طريفة غير سديدة واستناد ذلك إلى النقل كما تقدم للقاضي أبى بكر أولى وأظهر، وقالت فرقة أخرى بالوقف في أمره صلى الله عليه وسلم وترك قطع الحكم عليه بشئ في ذلك إذ لم يحل الوجهين منها العقل ولا استبان عندها في أحدهما طريق النقل وهو مذهب أبي المعالي، وقالت فرقة ثالثة إنه كان عاملا بشرع من قبله، ثم اختلفوا هل يتعين ذلك الشرع أم لا فوقف بعضهم عن تعيينه وأحجم وجسر بعضهم على التعيين وصمم، ثم اختلفت هذه المعينة فيمن كان يتبع فقيل نوح وقيل إبراهيم وقيل موسى وقيل عيسى صلوات الله عليهم، فهذه جملة المذاهب في هذه المسألة والأظهر فيها ما ذهب إليه القاضي أبو بكر وأبعدها مذاهب المعينين إذ لو كان شئ من ذلك لنقل كما قدمناه ولم يخف جملة ولا حجة لهم في أن عيسى آخر الأنبياء فلزمت شريعته من جاء بعدها إذ لم يثبت عموم دعوة عيسى بل الصحيح أنه لم
(١٤٨)