الثالث حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمسا، وهذه الأحاديث مبنية على
السهو في الفعل الذي قررناه، وحكمة الله فيه ليستن به إذ البلاغ بالفعل أجلى منه بالقول وأرفع للاحتمال وشرطه أنه لا يقر على
السهو بل يشعر به ليرتفع الالتباس وتظهر فائدة الحكمة كما قدمناه وأن النسيان والسهو في الفعل في حقه صلى الله عليه وسلم غير مضاد للمعجزة ولا قادح في التصديق، وقد قال صلى الله عليه وسلم (إنما أنا بشر أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني) وقال (رحم الله فلانا لقد اذكرني كذا وكذا آية كنت أسقطهن - ويروى - أنسيتهن) وقال صلى الله عليه وسلم (إني لأنسى أو أنسى لأسن) قيل هذا اللفظ شك من الراوي وقد روى (إني لا أنسى ولكن أنسى لأسن) وذهب ابن نافع وعيسى بن دينار أنه ليس بشك وأن معناه التقسيم أي: أنسى أنا أو ينسيني الله، قال القاضي
أبو الوليد الباجي يحتمل ما قالاه أن يريد أنى أنسى في اليقظة وأنسى في النوم أو أنسى على سبيل عادة البشر من الذهول عن الشئ والسهو أو أنسى مع إقبالي عليه وتفرغي له فأضاف أحد النسيانين إلى نفسه إذ كان له بعض
السبب فيه ونفى الآخر عن نفسه إذ هو فيه كالمضطر، وذهبت طائفة من أصحاب المعاني والكلام على الحديث إلى أن
النبي صلى الله عليه وسلم كان يسهو في
الصلاة ولا ينسى لأن النسيان ذهول وغفلة وآفة قال
والنبي صلى الله عليه وسلم منزه عنها والسهو شغل فكان صلى الله عليه وسلم يسهو في صلاته ويشغله عن حركات
الصلاة ما في
الصلاة شغلا
____________________
(قوله رحم الله فلانا) هو عبد الله بن يزيد الخطمي الأنصاري، قاله النووي عن الخطيب البغدادي.