فيما عدا الخبر الذي وقع فيه الكلام ولا الاعتقاد بالقلب فيما عدا التوحيد وما قدمناه من معارفه المختصة به فأجمع المسلمون على عصمة الأنبياء من الفواحش والكبائر الموبقات ومستند الجمهور في ذلك الإجماع الذي ذكرناه وهو مذهب القاضي أبو بكر ومنعها غيره بدليل العقل مع الإجماع وهو قول الكافة، واختار الأستاذ أبو إسحاق وكذلك لا خلاف أنهم معصومون من كتمان الرسالة والتقصير في التبليغ، لأن كل ذلك يقتضى العصمة منه المعجزة مع الإجماع على ذلك من الكافة، والجمهور قائل بأنهم معصومون من ذلك من قبل الله معتصمون باختيارهم وكسبهم إلا حسينا النجار فإنه قال لا قدر لهم على المعاصي أصلا، وأما الصغائر فجوزها جماعة من السلف وغيرهم على الأنبياء وهو مذهب أبي جعفر الطبري وغيره من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين، وسنورد بعد هذا ما احتجوا به، وذهبت طائفة أخرى إلى الوقف وقالوا العقل لا يحيل وقوعها منهم ولم يأت في الشرع قاطع بأحد الوجهين، وذهبت طائفة أخرى من المحققين من الفقهاء والمتكلمين إلى عصمتهم من الصغائر كعصمتهم من الكبائر، قالوا: لاختلاف الناس في الصغائر وتعيينها من الكبائر، وإشكال ذلك وقول
ابن عباس وغيره إن كل ما عصى الله به فهو كبيرة وأنه إنما سمى منها الصغير بالإضافة إلى ما هو أكبر منه ومخالفة الباري في أي أمر كان يجب كونه كبيرة، قال القاضي أبو محمد
____________________
(قوله والموبقات) بكسر الموحدة أي المهلكات (قوله وتعيينها) هو بالجر عطف على الصغائر (قوله وإشكال ذلك) هو بالجر عطف على اختلاف الناس وذلك إشارة إلى تعيينها.