يا رسول الله أقصرت
الصلاة أم نسيت؟ فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ذلك لم يكن وفى الرواية الأخرى ما قصرت
الصلاة وما نسيت - الحديث بقصته - فأخبر بنفي الحالتين وأنها لم تكن وقد كان أحد ذلك كما قال ذو اليدين قد كان بعض ذلك يا رسول الله، فاعلم وفقنا الله ذلك كما قال ذو اليدين قد كان بعض ذلك يا رسول الله، فاعلم وفقنا الله وإياك أن للعلماء في ذلك أجوبة بعضها بصدد الإنصاف ومنها ما هو بنية التعسف والاعتساف وها أنا أقول أما على القول بتجويز الوهم والغلط مما ليس طريقه من القول البلاغ وهو الذي زيفناه من القولين فلا اعتراض بهذا الحديث وشبهه وأما على مذهب من
يمنع السهو والنسيان في أفعاله جملة ويرى أنه في مثل هذا عامد لصورة النسيان ليسن فهو صادق في خبره لأنه لم
ينس ولا قصرت ولكنه على هذا القول تعمد هذا الفعل في هذه الصورة ليسنه لمن اعتراه مثله وهو قول مرغوب عنه نذكره في موضعه وأما على إحالة
السهو عليه في الأقوال وتجويز
السهو عليه فيما ليس طريقه القول كما سنذكره ففيه أجوبة منها أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن اعتقاده وضميره أما إنكار القصر فحق
وصدق باطنا وظاهرا وأما النسيان فأخبر صلى الله عليه وسلم عن اعتقاده وأنه لم
ينس في
ظنه فكأنه قصد الخبر بهذا عن
ظنه وأن لم ينطق به وهذا
صدق أيضا
____________________
(قوله أقصرت الصلاة) قال ابن الأثير يروى على ما لم يسم فاعله وعلى تسمية الفاعل بمعنى النقص، وقال المزي: الصحيح بناء أقصرت لما لم يسم فاعله من قبل الرواية ومن قبل المعنى لأن غيرها قصرها ولموافقة لفظ القرآن هو أن تقصروا من الصلاة (قوله بنية التعسف) أي بقصد الأخذ على غير الطريق، والتعسف والمعسف والاعتساف بمعنى واحد.