أخر ما ذكرناه من نص الله على عصمة رسوله ترد سفسافها فلم يبق في الآية إلا أن الله تعالى أمتن على رسوله بعصمته وتثبيته بما كاده به الكفار وراموا من فتنته ومرادنا من ذلك تنزيهه وعصمته صلى الله عليه وسلم وهو مفهوم الآية، وأما المأخذ الثاني فهو مبنى على تسليم الحديث لو صح وقد أعاذنا الله من صحته ولكن على كل حال فقد أجاب عن ذلك أئمة المسلمين بأجوبة منها الغث والسمين فمنها ما روى قتادة
ومقاتل أن
النبي صلى الله عليه وسلم أصابته سنة عند قراءته هذه السورة فجرى هذا الكلام على لسانه بحكم
النوم وهذا لا يصح إذ لا
يجوز على
النبي صلى الله عليه وسلم مثله في حالة من أحواله ولا يخلقه الله على لسانه ولا يستولي الشيطان عليه في نوم ولا يقظة لعصمته في هذا الباب من جميع العمد والسهو وفى قول الكلبي أن
النبي صلى الله عليه وسلم حدث نفسه فقال ذلك الشيطان على لسانه، وفى رواية ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن قال وسها فلما أخبر بذلك قال إنما ذلك من الشيطان وكل هذه لا يصح أن يقوله
النبي صلى الله عليه وسلم لا سهوا ولا قصدا ولا يتقوله الشيطان على لسانه وقيل لعل
النبي صلى الله عليه وسلم قاله أثناء تلاوته على تقدير التقرير والتوبيخ للكفار كقول إبراهيم عليه السلام هذا ربى على أحد التأويلات وكقوله بل فعله كبيرهم هذا بعد السكت وبيان الفصل بين الكلامين ثم رجع إلى تلاوته وهذا يمكن مع بيان الفصل وقرينة تدل على المراد وأنه ليس من المتلو وهو أحد ما ذكره القاضي أبو بكر ولا يعترض على هذا بما روى أنه
____________________
(قوله سفسافها) بسينين مهملتين وفاءين: أي حقيرها ورذلها.