ولو كانت صحيحة لما كان فيها قدح ولا توهيم للنبي صلى الله عليه وسلم فيما أوحى إليه ولا جواز للنسيان والغلط عليه والتحريف فيما بلغه ولا طعن في نظم القرآن وأن من عند الله إذ ليس فيه لو صح أكثر من أن الكاتب قال له عليم حكيم أو كتبه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كذلك هو فسبقه لسانه أو قلمه لكلمة أو كلمتين مما نزل على الرسول قبل إظهار الرسول لها إذ كان ما تقدم مما أملأه الرسول يدل عليها ويقتضي وقوعها بقوة قدرة الكاتب على الكلام ومعرفته به وجودة حسه وفطنته كما يتفق ذلك للعارف إذا سمع البيت أن يسبق إلى قافيته أو مبتدأ الكلام الحسن إلى ما يتم به ولا يتفق ذلك في جملة الكلام كما لا يتفق ذلك في آية ولا سورة، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم إن صح كل صواب فقد يكون هذا فيما فيه من مقاطع الآي وجهان وقراءتان أنزلنا جميعا على النبي صلى الله عليه وسلم فأملى إحداهما وتوصل الكاتب بفطنته ومعرفته بمقتضى الكلام إلى الأخرى فذكرها للنبي صلى الله عليه وسلم فصوبها له النبي صلى الله عليه وسلم ثم أحكم الله من ذلك ما أحكم ونسخ ما نسخ كما قد وجد ذلك في بعض مقاطيع الآي مثله قوله تعالى: (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) وهذه قراءة الجمهور وقد قرأ جماعة فإنك أنت الغفور الرحيم وليست من المصحف وكذلك كلمات جاءت على وجهين في غير المقاطع قرأ بهما معا الجمهور وثبتتا في المصحف مثل (وانظر إلى العظام كيف ننشرها، وننشزها - - ويقضى اللحق، ويقص الحق) وكل هذا لا يوجب ريبا ولا يسبب للنبي صلى الله عليه وسلم غلطا ولا وهما وقد قيل إن هذا يحتمل
(١٣٤)