وذهبت طائفة من أرباب القلوب ومشيخة المتصوفة ممن قال بتنزيه
النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا جملة وأجله أن
يجوز عليه في حال سهو أو فترة إلى أن معنى الحديث ما يهم خاطره ويغم فكره من أمر أمته صلى الله عليه وسلم لاهتمامه بهم وكثرة شفقته عليهم فيستغفر لهم، قالوا وقد يكون الغين هنا على قلبه السكينة تتغشاه لقوله تعالى (فأنزل الله سكينته عليه) ويكون استغفاره صلى الله عليه وسلم عندها إظهارا للعبودية والافتقار، قال ابن عطاء استغفاره وفعله هذا تعريف للأمة يحملهم على الاستغفار، قال غيره ويستشعرون الحذر ولا يركنون إلى الأمن، وقد يحتمل أن تكون هذه الإعانة حالة حشية وإعظام تغشى قلبه فيستغفر حينئذ شكرا لله وملازمة لعبوديته كما قال في ملازمة العبادة (أفلا أكون عبدا شكورا؟) وعلى هذه الوجوه الأخيرة يحمل ما روى في بعض طرق هذا الحديث عنه صلى الله عليه وسلم إنه ليغان على قلبي في اليوم أكثر من سبعين مرة فأستغفر الله فإن قلت فما معنى قوله تعالى
لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم (ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين) وقوله
لنوح عليه السلام (فلا تسألني ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين)؟ فاعلم أنه لا يلتفت في ذلك إلى قول من قال في آية
نبينا صلى الله عليه وسلم لا تكونن من
يجهل أن الله لو شاء لجمعهم على الهدى وفى آية نوح لا تكونن ممن
يجهل أن وعد الله حق لقوله وإن وعدك الحق إذ فيه إثبات
الجهل بصفة من صفات الله وذلك لا
يجوز على الأنبياء والمقصود وعظهم أن لا يتشبهوا في أمورهم
____________________
(قوله بهم) بمثناة تحتية وكسر الهاء، يقال أهمنى الأمر: أقلقني