هو تقرير كقوله (أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله؟) وقد علم أنه لم يقل، وقيل معناه ما كنت في شك فاسأل تزدد طمأنينة وعلما إلى علمك ويقينك، وقيل إن كنت تشك فيما شرفناك وفضلناك به فاسألهم عن صفتك في الكتب ونشر فضائلك، وحكى عن أبي عبيدة أن المراد إن كنت في شك من غيرك فيما أنزلنا. فما معنى قوله (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا) على قراءة التخفيف؟ قلنا المعنى في ذلك ما قالته عائشة رضي الله عنها (معاذ الله أن تظن ذلك الرسل بربها وإنما معنى ذلك أن الرسل لما استيأسوا ظنوا أن من وعدهم النصر من أتباعهم كذبوهم وعلى هذا أكثر المفسرين) وقيل إن ضمير (ظنوا) عائد على الأتباع والأمم لا على الأنبياء والرسل، وهو قول ابن عباس والنخعي وابن جبير وجماعة من العلماء وبهذا المعنى قرأ مجاهد كذبوا بالفتح فلا تشغل بالك من شاذ التفسير بسواه مما لا يلق بمنصب العلماء فكيف بالأنبياء؟ وكذلك ما ورد في حديث السيرة ومبدأ الوحي من قوله صلى الله عليه وسلم لخديجة (لقد خشيت على نفسي) ليس معناه الشك فيما آتاه الله بعد رؤية الملك ولكن لعله خشى أن لا تحتمل قوته مقاومة الملك وأعباء الوحي فينخلع قلبه أو تزهق نفسه، هذا على ما ورد في الصحيح أنه قاله بعد لقائه الملك أو يكون ذلك قبل لقائه وإعلام الله تعالى له بالنبوة لأول ما عرضت عليه من العجائب وسلم عليه الحجر والشجر وبدأته المنامات والتباشير كما روى في بعض طرق هذا الحديث أن ذلك كان أولا في المنام ثم أرى في اليقظة مثل ذلك تأنيسا له عليه السلام لئلا يفجأه الأمر مشاهدة ومشافهة فلا يحتمل لأول حالة بنية البشرية وفى الصحيح
(١٠١)