أو أن يريد أمته الذين يجوز عليهم الشك أو على طريق التواضع والإشفاق أن حملت قصة إبراهيم على اختيار حاله أو زيادة يقينه * فإن قلت فما معنى قوله (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك) الآيتين - فاحذر ثبت الله قلبك أن يخطر ببالك ما ذكره فيه بعض المفسرين عن ابن عباس أو غيره من إثبات شك للنبي صلى الله عليه وسلم فيما أوحى إليه وأنه من البشر، فمثل هذا لا يجوز عليه جملة بل قد قال ابن عباس لم يشك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسأل، ونحوه عن ابن جبير والحسن، وحكى قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أشك ولا أسأل، وعامة المفسرين على هذا، واختلفوا في معنى الآية فقيل المراد قل يا محمد للشاك (فإن كنت في شك) الآية، قالوا وفى السورة نفسها ما دل على هذا التأويل: قوله (قل يا أيها الانس إن كنتم في شك من ديني) الآية، وقيل المراد بالخطاب العرب وغير النبي صلى الله عليه وسلم كما قال (لئن أشركت ليحبطن عملك) الآية، الخطاب له والمراد غيره ومثله (فلا تك في مربة مما يعبد هؤلاء) ونظيره كثير، قال بكر بن العلاء ألا تراه يقوله (ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله) الآية وهو صلى الله عليه وسلم كان المكذب فيما يدعو إليه فكيف يكون ممن كذب به؟ فهذا كله يدل على أن المراد بالخطاب غيره ومثل هذه الآية قوله (الرحمن فأسأل به خبيرا) المأمور ههنا غير النبي صلى الله عليه وسلم ليسأل النبي والنبي صلى الله عليه وسلم هو الخبير المسؤول لا المستخبر السائل وقال إن هذا الشك الذي أمر به غير النبي صلى الله عليه وسلم بسؤال الذين يقرؤن الكتاب إنما هو فيما قصة الله من أخبار الأمم
(٩٩)