ثم بعد ذلك أقبل عبد الله بن عباس إليه فدخل (1) وقال: يا بن بنت رسول الله! إني قد رأيت رأيين (2) إن قبلت من! فقال الحسين: وما ذاك؟ قال: تخرج إلى بلاد اليمن، فإن فيها حصونا وشعابا وهي أرض عريضة طويلة، وإن لك بها شيعة وأنت عن الناس في عزلة، فإذا استوطنت بها اكتب إلى الناس وأعلمهم مكانك. فقال الحسين: يا بن عمي! إني لأعلم أنك ناصح شفوق (3)، ولكني أزمعت على المسير إلى العراق، ولا بد من ذلك (4). فأطرق ابن عباس رحمه الله ساعة ثم قال: يا بن بنت رسول الله! إن كنت قد أزمعت ولا بد لك من ذلك فلا تسر بنسائك وأولادك فإني خائف عليك أن تقتل كما قتل عفان رضي الله عنه وأهله وولده ينظرون إليه ولا يقدرون له على حيلة، والله يا بن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقد (5) أقررت عين ابن الزبير بخروجك عن مكة وتخليتك إياه هذا البلد، وهو اليوم لا ينظر إليه فإذا خرجت نظر إليه الناس بعد ذلك. فقال الحسين رضي الله عنه:
إني (6) أستخير الله تعالى في هذا الأمر ما ذا يكون.
قال: فخرج ابن عباس من عنده وهو يقول: واحبيباه! ثم مر ابن عباس بابن الزبير وجعل يقول (7):
يا لك من قبرة بمعمر * خلا لك الجو فبيضي واصفري ونقري ما شئت أن تنقري * قد رفع الفخ فماذا تحذري لا بد من أخذك يوما فاصبري