روح الله وريحانه وجنته ورضوانه، أما إنه قد قضى ما عليه وبقي ما علينا. قال: ثم أنشأ الحسين يقول:
وإن تكن الدنيا تعد نفيسة * فدار ثواب الله أعلى وأنبل وإن تكن الأبدان للموت أنشئت * فقتل امرئ بالسيف في الله أفضل وإن تكن الأرزاق رزقا مقدرا * فقلة حرص المرء في الرزق أجمل وإن تكن الأموال للترك جمعها * فما بال متروك به الخير يبخل قال: ثم دعه الفرزدق في نفر من أصحابه، ومضى يريد مكة. فأقبل عليه ابن عم له من بني مجاشع (1) فقال: أبا فراس! هذا الحسين بن علي، فقال الفرزدق: هذا الحسين ابن فاطمة الزهراء بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، هذا والله ابن خيرة الله وأفضل من مشى على وجه الأرض بعد محمد وقد كنت قلت فيه أبياتا قبل اليوم. فلا عليك أن تسمعها، فقال له ابن عمه. ما أكره ذلك يا أبا فراس! فإن رأيت أن تنشدني ما قلت فيه! فقال الفرزدق: نعم، أنا القائل فيه (2) وفي أبيه وأخيه وجده صلوات الله عليهم هذه الأبيات:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم هذا حسين رسول الله والده * أمست بنور هداه تهتدي الأمم هذا ابن فاطمة الزهراء عترتها * في جنة الخلد مجريا بها القلم (3) إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم بكفه خيزران ريحه عبق * بكف أروع في عرنينه شمم يغضي حياء ويغضى من مهابته * فلا يكلم إلا حين يبتسم