كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ٧١
تبكي يا أبت لا أبكى الله لك عينا؟ فقال الحسين: يا بني إنها ساعة لا تكذب فيها الرؤيا، أعلمك أني رأيت فارسا على فرس حتى وقف علي فقال: يا حسين! إنكم تسرعون المسير والمنايا بكم تسرع إلى الجنة، فعلمت أن أنفسنا قد نعيت إلينا.
فقال له ابنه: يا أبت ألسنا على الحق؟ قال: بلى يا بني والذي ترجع العباد إليه!
فقال علي (1) رضي الله عنه: إذا لا نبالي بالموت. فقال الحسين: جزاك الله عني يا بني خيرا جزي به ولد عن والد.
قال: فلما أصبح الحسين وإذا برجل من الكوفة يكنى أبا هرة الأزدي أتاه فسلم عليه ثم قال: يا بن بنت رسول الله! ما الذي أخرجك عن حرم الله وحرم جدك محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقال الحسين: يا أبا هرة! إن بني أمية أخذوا مالي فصبرت، وشتموا عرضي فصبرت، وطلبوا دمي فهربت، وأيم الله يا أبا هرة لتقتلني الفئة الباغية!
وليلبسهم الله ذلا شاملا وسيفا قاطعا، وليسلطن الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من قوم سبأ إذ ملكتهم امرأة منهن فحكمت في أموالهم وفي دمائهم.
قال: وسار الحسين حتى نزل الشقوق (2) فإذا هو بالفرزدق بن غالب الشاعر قد أقبل عليه فسلم ثم دنا منه فقبل يده، فقال الحسين: من أين أقبلت يا أبا فراس؟
فقال: من الكوفة يا بن بنت رسول الله! فقال: كيف خلفت أهل الكوفة؟ فقال:
خلفت الناس معك وسيوفهم مع بني أمية، والله يفعل في خلقه ما يشاء! فقال:
صدقت وبررت، إن الأمر لله يفعل ما يشاء وربنا تعالى كل يوم هو في شأن، فإن نزل القضاء بما نحب (3) فالحمد لله على نعمائه وهو المستعان على أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء فلم يعتد (4) من كان الحق نيته (5)، فقال الفرزدق: يا بن بنت رسول الله! كيف تركن إلى أهل الكوفة وهم قد قتلوا ابن عمك مسلم بن عقيل و شيعته؟ قال: فاستعبر الحسين بالبكاء ثم قال: رحم الله مسلما! فلقد صار إلى

(1) هو علي الأكبر، ابن الحسين بن علي (رض).
(2) الشقوق منزل بطريق مكة بعد واقصة من الكوفة. وفي الطبري 5 / 386 وابن الأثير 2 / 547 أن الحسين (رض) لقي الفرزدق بالصفاح، وهو موضع بين حنين وأنصاب الحرم على يسرة الداخل إلى مكة من مشاس. وانظر معجم البلدان.
(3) عن الطبري، وبالأصل: يحب.
(4) عن الطبري وابن الأثير: وبالأصل " يبعد ".
(5) عن الطبري وابن الأثير، وبالأصل " بينه ".
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169