عنك أنك تقعد على باب دارك عشية واستبطأك، والإبطاء (1) والجفاء لا يحتمله السلطان من مثلك، لأنك سيد في عشيرتك ونحن نقسم عليك إلا ركبت معنا إليه.
قال: فدعا هانئ ثيابه (2) ولبسها، ودعا ببغلة (3) له فركبها، وسار مع القوم حتى إذا صار إلى باب قصر الإمارة كأن نفسه أحست (4) بالشر (5) فالتفت إلى حسان بن أسماء [بن خارجة] (6) فقال له: يا بن أخي! إن نفسي تحدثني بالشر. فقال له حسان: سبحان الله يا عم! لا أتخوف عليك فلا تحدثك نفسك بشيء من هذا (7).
ثم دخل القوم على عبيد الله بن زياد وشريح القاضي جالس عنده، فلما نظر إليهم من بعيد التفت إلى شريح القاضي فقال:
أريد حياته ويريد قتلي * خليلي من عذيري من مراد (8) فقال له هانئ بن عروة: وما ذاك أيها الأمير؟ فقال: (9) بالله يا هانئ (9) جئت بمسلم بن عقيل، وجمعت له الجموع من السلاح والرجال في الدار حولك، وظننت أن ذلك يخفى علي وأني لا أعلم؟ فقال: ما فعلت (10)! قال ابن زياد: بلى قد فعلت! قال: ما فعلت! فقال ابن زياد: أين معقل؟ فجاء معقل حتى وقف بين يديه، فنظر هانئ إلى معقل مولى زياد فعلم أنه كان عينا عليهم وأنه هو الذي أخبر ابن زياد عن مسلم، فقال: أصلح الله الأمير! والله ما دعوت مسلم بن عقيل ولا