طريق البادية وذلك في ليلة مقمرة والناس متوقعون قدوم الحسين رضي الله عنه، قال: فجعلوا ينظرون إليه وإلى أصحابه وهو في ذلك يسلم عليهم فيردون عليه السلام، وهم لا يشكون أنه الحسين، وهم يمشون بين يديه، وهم يقولون:
مرحبا بك يا بن بنت رسول الله [قدمت] (1) خير مقدم. قال: فرأى عبيد الله بن زياد من تباشير الناس بالحسين بن علي ما ساءه ذلك وسكت ولم يكلمهم ولا رد عليهم شيئا. قال: فتكلم مسلم بن عمرو الباهلي وقال: إليكم عن الأمير يا ترابية! فليس هذا من تظنون، هذا الأمير عبيد الله بن زياد قال: فتفرق الناس عنه ودخل عبيد الله بن زياد قصر الإمارة وقد امتلأ غيظا (2) وغضبا (3).
فلما أصبح نادى: الصلاة جامعة! فاجتمع الناس إلى المسجد الأعظم، فلما علم أنهم قد تكاملوا خرج إليهم متقلدا بسيف متعمما (4) بعمامة، حتى صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد يا أهل الكوفة! فإن أمير المؤمنين يزيد بن معاوية ولاني مصركم وثغركم وأمرني أن أغيث مظلومكم، وأن أعطي محرومكم، وأن أحسن إلى سامعكم ومطيعكم، وبالشدة على مريبكم (5)، وأنا متبع (6) في ذلك أمره ومنفذ فيكم عهده (7) - والسلام -، ثم نزل ودخل القصر.
فلما كان اليوم الثاني خرج إلى الناس ونادى بالصلاة جامعة، فلما اجتمع الناس خرج إليهم بزي خلاف ما خرج به أمس، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإنه لا يصلح هذا الأمر إلا في شدة فمن غير عنف، ولين في غير