كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ٣٩
طريق البادية وذلك في ليلة مقمرة والناس متوقعون قدوم الحسين رضي الله عنه، قال: فجعلوا ينظرون إليه وإلى أصحابه وهو في ذلك يسلم عليهم فيردون عليه السلام، وهم لا يشكون أنه الحسين، وهم يمشون بين يديه، وهم يقولون:
مرحبا بك يا بن بنت رسول الله [قدمت] (1) خير مقدم. قال: فرأى عبيد الله بن زياد من تباشير الناس بالحسين بن علي ما ساءه ذلك وسكت ولم يكلمهم ولا رد عليهم شيئا. قال: فتكلم مسلم بن عمرو الباهلي وقال: إليكم عن الأمير يا ترابية! فليس هذا من تظنون، هذا الأمير عبيد الله بن زياد قال: فتفرق الناس عنه ودخل عبيد الله بن زياد قصر الإمارة وقد امتلأ غيظا (2) وغضبا (3).
فلما أصبح نادى: الصلاة جامعة! فاجتمع الناس إلى المسجد الأعظم، فلما علم أنهم قد تكاملوا خرج إليهم متقلدا بسيف متعمما (4) بعمامة، حتى صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد يا أهل الكوفة! فإن أمير المؤمنين يزيد بن معاوية ولاني مصركم وثغركم وأمرني أن أغيث مظلومكم، وأن أعطي محرومكم، وأن أحسن إلى سامعكم ومطيعكم، وبالشدة على مريبكم (5)، وأنا متبع (6) في ذلك أمره ومنفذ فيكم عهده (7) - والسلام -، ثم نزل ودخل القصر.
فلما كان اليوم الثاني خرج إلى الناس ونادى بالصلاة جامعة، فلما اجتمع الناس خرج إليهم بزي خلاف ما خرج به أمس، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإنه لا يصلح هذا الأمر إلا في شدة فمن غير عنف، ولين في غير

(١) زيادة عن الطبري ومروج الذهب والأخبار الطوال.
(٢) بالأصل: غيضا.
(٣) زيد في مروج الذهب ٣ / ٧٠ انتهى إلى القصر وفيه النعمان بن بشير، فتحصن فيه، ثم أشرف عليه. فقال: يا بن رسول الله ما لي ولك؟ وما حملك على قصد بلدي من بين البلدان؟ فقال ابن زياد: لقد طال نومك يا نعيم. وحسر اللثام عن فيه، فعرفه ففتح له. وتنادى الناس: ابن مرجانة، وحصبوه بالحصباء، ففاتهم ودخل القصر. (وانظر الطبري ٥ / ٣٥٩).
(٤) بالأصل: منعما.
(٥) في الطبري: مريبكم وعاصيكم.
(٦) الأخبار الطوال: " وأنا منته "، وفي الطبري: وأنا متبع فيكم أمره.
(٧) زيد في الأخبار الطوال ص ٢٣٣: وأنا لمعطيكم كالوالد الشفيق ولمخالفكم كالسم النقيع، فلا يبقين أحد منكم إلا على نفسه " وقارن مع الطبري 5 / 359.
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169