أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها * وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا ويحمي إذا ما الموت كان أمامه (1) * كذا الشبل يحمي الابن أن يتأخرا كليث هزبر وهو يحمي عرينه * رمته المنايا نعيه فتقطرا (2) ثم أقبل معاوية على أصحابه فقال: ويحكم! إن السيوف لم يؤذن لها في قتل هؤلاء، ولولا ذلك لما وصل إلى هذا، ولكن إذا رأيتم مثل هذا فعليكم بالحجارة، فقال رجل من أهل الشام يقال له المبرقع بن منصور: والله يا معاوية لأفعلن كما فعل، ولأقتلن عليا إن قدرت عليه قال: ثم حمل يريد عليا، ونظر إليه أبو أيوب فاستقبله بالسيف، فنفحه نفحة أبان بها عنقه فثبت رأس الشامي على الجسد، فظن الناس أنه قد أخطأه، قال: وتحرك الفرس فسقط الرأس ناحية وسقط الرجل ميتا، فعجبت (3) الناس من ضربة أبي أيوب، فقال علي رضي الله عنه: والله لأنا أشد تعجبا من ثبات الرجل على فرسه منكم لضربة أبي أيوب! والله ما أنت إلا كما قال الأول:
وعلمنا الحرب آباؤنا * وسوف نعلم أيضا بنينا قال (4): وخرج رجل من أهل الشام يسأل المبارزة، فخرج إليه رجل من أصحاب علي، فحمل كل واحد منهما على صاحبه، فضربه صاحب علي ضربة أرداه من فرسه واقتحم عليه ليذبحه، فنظر في وجهه فإذا هو أخوه لأبيه وأمه، فصاحت به أصحابه: اذبحه عاجلا وقم عنه فقال: ويحكم! هذا أخي، قالوا:
فاتركه، قال: لا والله لا أتركه أو يأذن لي أمير المؤمنين، فأخبر علي بذلك، فأرسل إليه أن اتركه، فتركه، فانصرف هذا إلى علي وذاك إلى معاوية.