حاجة؟ فقلت: نعم - وأخبرته الخبر، فبكى ثم قال: اللهم! أنت الشاهد علي وعليهم، إني لا آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقك، ثم أخرج من جيبه قطعة جلد كأنها طرف الجراب فكتب فيها: بسم الله الرحمن الرحيم، قد جاءكم بينة من ربكم، فاوفوا الكيل والميزان، ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين، بقيت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ، فإذا قرأت كتابي هذا فاحفظ بما فيه وبما في يديك من عملنا حتى يقدم (1) عليك من يقبضه منك - والسلام -. ثم دفع الرقعة إلي، فوالله ما ختمها بطين ولا حزمها بسحاءة، فجئت بالرقعة إلى صاحبه، فانصرف عنا معزولا. فقال معاوية: اكتبوا لها برد مالها والعدل في بلدها، فقالت سودة: أهذا لي خاصة أم لقومي عامة؟ فقال معاوية: وما أنت وقومك؟ فقالت سودة: والله! إن هذا هو الفحشاء واللؤم، إن كان هذا منك عدلا شاملا لجميع قومي من همذان حمدت الله على ذلك إذ أجراه على يدي، وإن تكن الأخرى فأنا كسائر قومي، فقال معاوية: يا أهل العراق! لمطيكم والله علي بن أبي طالب على جرأة الامر (2)، أفتبطىء ما تعطون! اكتبوا لها بحاجتها كما تحب وردوها واصرفوا إلى بلدها غير شاكية. قال: فأخذت سودة كتاب معاوية وجائزته وانصرفت غانمة إلى بلدها.
ثم رجعنا إلى الخبر قال: فلما كان من الغد أقبل أبو هريرة وأبو الدرداء (3) حتى دخلا على معاوية، فقالا له: يا معاوية! علام تقاتل علي بن أبي طالب وهو أحق بهذا الامر منك لسابقته في الدين وفضيلته في الإسلام وهو رجل من المهاجرين الأولين السابقين