كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٣ - الصفحة ٣٩
يرون رجالا كالأسود عوابسا * لهن زئير في الوغاء عجيب نجالدهم بالبيض طورا وبالقنا * وكل حسام كالشهاب قضيب (1) وكل همام في الحروب هميسع * على كل محنوك السراة شبوب (2) نجالد جولانا ونسقى بحدها * جذاما ووتر الغدر غير طلوب (3) فلم أر فرسانا أشد بديهة (4) * إذا غشي الآفاق نفح جنوب قال: وأرسل عبيد الله بن عمر بن الخطاب إلى الحسين (5) بن علي أن لي إليك حاجة فالقني إذا شئت حتى أخبرك. قال: فخرج إلى الحسين حتى واقفه وظن أنه يريد حربه، فقال له ابن عمر: إني لم أدعك إلى الحرب ولكن اسمع مني فإنها نصيحة لك، فقال الحسين: قل ما تشاء، فقال: اعلم أن أباك قد وتر قريشا، وقد بغضه الناس وذكروا أنه هو الذي قتل عثمان، فهل لك أن تخلعه وتخالف عليه حتى نوليك هذا الأمر؟ فقال الحسين: كلا والله لا أكفر بالله وبرسوله وبوصي رسول الله، أخس ويلك من شيطان مارد! فلقد زين لك الشيطان سوء عملك فخدعك حتى أخرجك من دينك باتباع القاسطين ونصرة هذا المارق من الدين، لم يزل هو وأبوه حربيين وعدوين لله ولرسوله وللمؤمنين، فوالله ما أسلما ولكنهما استسلما خوفا وطمعا! فأنت اليوم تقاتل عن غير متذمم، ثم تخرج إلى الحرب متخلقا (6) لترائي بذلك نساء أهل الشام، ارتع قليلا فإني أرجو أن يقتلك الله عز وجل سريعا. قال:
فضحك عبيد الله بن عمر ثم رجع إلى معاوية فقال: إني أردت خديعة الحسين وقلت

(١) البيت في وقعة صفين:
أكر وأحمي بالغطاريف والقنا * وكل جديد الشفرتين قضوب (٢) وقعة صفين:
نجالدهم طورا وطورا نصدهم * على كل محبوك السراة شبوب (٣) وقعة صفين:
نجالد غسانا وتشقى بحربنا * جذام ووتر العبد غير طلوب وغير طلوب: أي قريب سهل المنال. أصله من قولهم: " بئر طلوب " أي بعيدة الماء.
(٤) وقعة صفين: حفيظة.
(٥) في وقعة صفين ص ٢٩٧: " الحسن بن علي " وانظر خبر مقابلتهما فيه.
(6) متخلقا أي الذي يتخلق بالخلوق. الطيب.
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر وقعة الماء وهي أول وقعة صفين 5
2 ذكر الوقعة الثانية بصفين 14
3 ذكر ما جرى بعد ذلك من الكلام 51
4 حديث خالد بن المعمر السدوسي 55
5 ثم رجعنا إلى الخبر 56
6 حديث سودة بنت عمارة الهمذانية مع معاوية 59
7 ثم رجعنا إلى الخبر 61
8 حديث أم سنان المذحجية مع معاوية 65
9 ثم رجعنا إلى الخبر من صفين 68
10 ذكر ما جرى من المناظرة بين أبي نوح وذي الكلاع الحميري 71
11 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 81
12 حديث عدي بن حاتم الطائي مع معاوية 82
13 ثم رجعنا إلى الخبر 83
14 حديث الزرقاء بنت عدي الهمذانية مع معاوية 87
15 ثم رجعنا إلى الخبر 89
16 ثم رجعنا إلى الخبر 103
17 حديث عبد الله بن هاشم مع معاوية 124
18 ثم رجعنا إلى الخبر 126
19 ذكر مقتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب 128
20 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 131
21 خبر عرار بن الأدهم 141
22 ذكر ما جرى من الكتب بين علي بن أبي طالب وبين معاوية وعمرو بن العاص وابن عباس لما عضهم سلاح أهل العراق 149
23 ذكر مقتل عمار بن ياسر رحمه الله 158
24 ذكر القوم الذين أنفذهم معاوية إلى علي بن أبي طالب يكلمونه في ضع الحرب 168
25 ذكر تحريض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على القتال 171
26 ذكر تحريض معاوية أصحابه على القتال 172
27 ذكر الواقعة الخميسية وهي وقعة لم يكن بصفين أشد منها وصفة ليلة الهرير 174
28 ذكر صفة ليلة الهرير 180
29 ذكر رفع المصاحف على رؤوس الرماح 181
30 ذكر امتناع القوم من القتال 182
31 ثم رجعنا إلى الخبر 188
32 ذكر ما كان بعد ذلك بينهم من المكاتبة 191