فدلاك عمرو والحوادث جمة * غرورا وما أجرت عليك المقادر وظن حريث أن عمرا نصيحه * وقد يهلك الانسان إن لم يحاذر أيركب عمرو رأسه خوف نفسه * ويصلى حريثا إنه لمماكر (1) قال: واشتبكت الحرب وذهب علي رضي الله عنه ليطعن رجلا من أهل الشام فهرب الشامي من بين يدي علي، وحمل عمرو بن الحصين على علي من ورائه ليطعنه، فحمل سعيد بن قيس على ابن الحصين فطعنه طعنة قتله، وانفلت علي فصار إلى أصحابه.
قال: وجزع معاوية على ابن الحصين جزعا شديدا لأنه كان من فرسان أهل الشام.
قال: فأنشأ الهمذاني يقول شعرا يفضل فيه عليا رضي الله عنه على معاوية، فبلغ ذلك معاوية، فدعا بذي الكلاع الحميري فضم إليه خيلا عظيمة من يحصب وكندة ولخم وجذام ثم قال: اخرج واقصد بحربك همذان خاصة، قال: فخرج ذو الكلاع في ألف رجل من قبائل اليمن، ونظر إليهم علي رضي الله عنه فعلم أنه عيون القبائل، فنادى بأعلى صوته: يا آل همذان! فأجابوه: لبيك لبيك يا أمير المؤمنين!
فقال: عليكم بهذه الخيل، فإن معاوية قصدكم بها خاصة دون غيركم.
قال: فصاح سعيد بن قيس بقومه من همذان، فجمعهم قبيلة واحدة ثم إنه أوصاهم، وحمل وحملت معه قبائل همذان، واختلطت القوم واشتبك القتال ساعة، ثم حطمتهم خيل همذان فقذفتهم إلى حريم معاوية وقد قتل منهم مقتلة عظيمة، وجاء الليل فحجز بين الفريقين.
قال: فجمع علي قبائل همذان بين يديه ثم أقبل عليهم فقال لهم: أنتم درعي ورمحي وسناني وجنتي! والله لو كانت الجنة في يدي لأدخلتكم إياها خاصة يا معشر همذان! فقال سعيد بن قيس: والله يا أمير المؤمنين ما نصرنا إلا لله ولا أجبنا غيره، ولقد قاتلنا مع من ليس له مثل سابقتك ولا قرابتك، فارم بنا حيث شئت وأين أحببت فنحن لك سامعون مطيعون، قال: فعندها أنشأ علي رضي الله عنه أبياتا يقول:
ولما رأيت الخيل تقرع بالقنا * فوارسها حمر العيون دوامي