صدقت يا زرقاء! وأنا عند ما ذكرت. ثم أمر لها معاوية ولمن معها بجوائز حسنة ومال كثير ورودها إلى الكوفة. ثم رجعنا إلى الخبر قال: فلما أصبح (1) القوم وثب معاوية فعبى أصحابه ثم عقد الرايات، فكان يحض بها قريشا (2) دون غيرهم، مثل عمرو بن العاص، وعبيد الله (3) بن عمر بن الخطاب، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وعتبة بن أبي سفيان، ومروان بن الحكم، وبسر بن (أبي) أرطاة، والضحاك بن قيس وأشباههم من الناس. قال:
فغضبت اليمن من ذلك (4)، ثم وثب رجل من كندة يقال له عبد الله بن الحارث حتى وقف بين يدي معاوية ثم قال: إني قد قلت أبياتا فاسمعها، فقال معاوية: هاتها يا أخا السكون! فأنشأ الرجل يقول:
معاوي أحييت فيها الإحن * وأحدثت في الشام ما لم يكن عقدت لعمرو وأشباهه (5) * وما الناس حولك إلا اليمن فلا تخلطن بنا غيرنا * كما شيب بالماء محض اللبن وإلا فدعنا على حالنا * فإنا وآباءنا لم نهن (6) ستعلم إن جاش بحر العراق * وأبدى النواجذ منه إذن (7) ونادى علي بأصحابه * ونفسك إذ ذاك عند الذقن بأنا شعارك دون الدثار * وأنا الرماح وأنا الجنن أتتك الرجال من إمدادنا * تجود إليك الفلا من عدن ومن سرو حمير قد أقبلوا * ومن حضرموت ومن ذي يزن فدبوا إليك دبيب الجراد * على صعبها والذلول المحن فأمسوا بأرضك ما يطلبون * إليك الغداة سوى مرتهن