ابن عمر: صدقت يا معاوية! قد برزت إلى سعيد بن قيس، ولكنك لم تثبت له، ولو ثبت لما نجوت، فقال معاوية: والله لو برزت إلى صاحبه علي بن أبي طالب لما كعت عنه.
قال: فبينما هما كذلك وإذا بعلي بن أبي طالب قد برز حتى وقف بين الصفين على فرس رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نادى: يا بن أبي هند! إني قد أقبلت إليك، أسألك أن تحقن هذه الدماء وتبرز إلي وأبرز إليك فيكون الأمر لمن غلب، قال: فسكت معاوية ولم ينطق بشيء، فقال له ابن عمر: هذا ما كنا فيه، فابرز الآن إلى علي كما زعمت، قال: فما نطق معاوية وجال علي حوله، ثم حمل على ميمنة معاوية فأزال الرجال، ثم حمل على ميسرته فطحنها وكسر بعضهم على بعض، وقتل منهم جماعة، ثم رجع إلى موضعه، ونظر عبيد الله بن عمر إلى معاوية فإذا هو قد أزبد وتغير وأنشأ يقول (1):
برزت إلى ابن ذي يزن سعيد * وتترك في العجاجة من دعاكا فهل (لك) (2) في أبي حسن علي * لعل الله يمكن من قفاكا دعاك إلى البراز فكعت عنه (3) * ولو بارزته تربت يداكا وكنت أصم إذ ناداك عنها * وكان سكوته عنها مناكا فإن الكبش قد طحنت رحاه * بخطوتها (5) ولم تطحن رحاكا فما أنصفت صحبك يا بن هند * أترهبه (5) وتغضب من كفاكا فلا والله ما أضمرت خيرا * ولا ظهرت لي إلا جفاكا قال: فغضب معاوية من كلام عبيد الله بن عمر ثم قال لعمرو: أبا عبد الله!
ألا تسمع كلام ابن عمر؟ فقال عمرو: والله لقد صدق ابن عمر ولا يجمل بك ألا تبارز عليا إذا دعاك إلى المبارزة، فقال معاوية: أظنك قد طمعت فيها يا عمرو!
فقال عمرو: ما طمعت فيها ولو طمعت فيها لكنت أهلا لها، ولكني أعلم أنه لا يجمل بك أن يكون ابن عمك يدعوك إلى البراز فلم تبرز إليه، قال: فتبسم معاوية