كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٣ - الصفحة ٤٦
ابن عمر: صدقت يا معاوية! قد برزت إلى سعيد بن قيس، ولكنك لم تثبت له، ولو ثبت لما نجوت، فقال معاوية: والله لو برزت إلى صاحبه علي بن أبي طالب لما كعت عنه.
قال: فبينما هما كذلك وإذا بعلي بن أبي طالب قد برز حتى وقف بين الصفين على فرس رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نادى: يا بن أبي هند! إني قد أقبلت إليك، أسألك أن تحقن هذه الدماء وتبرز إلي وأبرز إليك فيكون الأمر لمن غلب، قال: فسكت معاوية ولم ينطق بشيء، فقال له ابن عمر: هذا ما كنا فيه، فابرز الآن إلى علي كما زعمت، قال: فما نطق معاوية وجال علي حوله، ثم حمل على ميمنة معاوية فأزال الرجال، ثم حمل على ميسرته فطحنها وكسر بعضهم على بعض، وقتل منهم جماعة، ثم رجع إلى موضعه، ونظر عبيد الله بن عمر إلى معاوية فإذا هو قد أزبد وتغير وأنشأ يقول (1):
برزت إلى ابن ذي يزن سعيد * وتترك في العجاجة من دعاكا فهل (لك) (2) في أبي حسن علي * لعل الله يمكن من قفاكا دعاك إلى البراز فكعت عنه (3) * ولو بارزته تربت يداكا وكنت أصم إذ ناداك عنها * وكان سكوته عنها مناكا فإن الكبش قد طحنت رحاه * بخطوتها (5) ولم تطحن رحاكا فما أنصفت صحبك يا بن هند * أترهبه (5) وتغضب من كفاكا فلا والله ما أضمرت خيرا * ولا ظهرت لي إلا جفاكا قال: فغضب معاوية من كلام عبيد الله بن عمر ثم قال لعمرو: أبا عبد الله!
ألا تسمع كلام ابن عمر؟ فقال عمرو: والله لقد صدق ابن عمر ولا يجمل بك ألا تبارز عليا إذا دعاك إلى المبارزة، فقال معاوية: أظنك قد طمعت فيها يا عمرو!
فقال عمرو: ما طمعت فيها ولو طمعت فيها لكنت أهلا لها، ولكني أعلم أنه لا يجمل بك أن يكون ابن عمك يدعوك إلى البراز فلم تبرز إليه، قال: فتبسم معاوية

(١) الأبيات في وقعة صفين ص ٤٣٢ ونسبها إلى عمرو بن العاص.
(٢) سقطت من الأصل، زيادة عن وقعة صفين ص ٤٣٢.
(٣) وقعة صفين: دعاك إلى النزال فلم تجبه ولو نازلته...
(٤) وقعة صفين: بنجدته.
(٥) وقعة صفين: أتفرقه.
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر وقعة الماء وهي أول وقعة صفين 5
2 ذكر الوقعة الثانية بصفين 14
3 ذكر ما جرى بعد ذلك من الكلام 51
4 حديث خالد بن المعمر السدوسي 55
5 ثم رجعنا إلى الخبر 56
6 حديث سودة بنت عمارة الهمذانية مع معاوية 59
7 ثم رجعنا إلى الخبر 61
8 حديث أم سنان المذحجية مع معاوية 65
9 ثم رجعنا إلى الخبر من صفين 68
10 ذكر ما جرى من المناظرة بين أبي نوح وذي الكلاع الحميري 71
11 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 81
12 حديث عدي بن حاتم الطائي مع معاوية 82
13 ثم رجعنا إلى الخبر 83
14 حديث الزرقاء بنت عدي الهمذانية مع معاوية 87
15 ثم رجعنا إلى الخبر 89
16 ثم رجعنا إلى الخبر 103
17 حديث عبد الله بن هاشم مع معاوية 124
18 ثم رجعنا إلى الخبر 126
19 ذكر مقتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب 128
20 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 131
21 خبر عرار بن الأدهم 141
22 ذكر ما جرى من الكتب بين علي بن أبي طالب وبين معاوية وعمرو بن العاص وابن عباس لما عضهم سلاح أهل العراق 149
23 ذكر مقتل عمار بن ياسر رحمه الله 158
24 ذكر القوم الذين أنفذهم معاوية إلى علي بن أبي طالب يكلمونه في ضع الحرب 168
25 ذكر تحريض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على القتال 171
26 ذكر تحريض معاوية أصحابه على القتال 172
27 ذكر الواقعة الخميسية وهي وقعة لم يكن بصفين أشد منها وصفة ليلة الهرير 174
28 ذكر صفة ليلة الهرير 180
29 ذكر رفع المصاحف على رؤوس الرماح 181
30 ذكر امتناع القوم من القتال 182
31 ثم رجعنا إلى الخبر 188
32 ذكر ما كان بعد ذلك بينهم من المكاتبة 191