أمرتك أمرا ففسخته * لرأي ابن أبي سرحة (1) وأغمضت في الرأي إغماضة * ولم تر في الحرب كالفسحة فكيف رأيت كباش العراق * ألم ينطحوا جمعنا نطحة أظن لها اليوم ما بعدها * وميعاد ما بيننا صبحة فإن ينطحونا غدا مثلها * فقد قدموا الخيط والنطحة (2) وقد شرب القوم ماء الفرات * وقلدك الأشعث (3) الفضحة قال: وأرسل علي إلى أصحابه أن خلوا بينهم وبين الماء ولا تمنعوهم إياه.
قال: فكان أصحاب علي رضي الله عنه وأصحاب معاوية يردون الماء بالقرب والأسقية يستقون ويسقون الخيل والإبل، ما يؤذي أحد منهم أحدا.
قال: وأقاموا على ذلك ثلاثة أيام، ودخل معاوية إلى منزله فأخذ سهما فكتب عليه: " من عبد الله الناصح، أما بعد! يا أهل العراق فإن معاوية يريد أن يفجر عليكم الفرات فيغرقكم، فخذوا حذركم - والسلام " ثم رمى بالسهم إلى عسكر علي رضي الله عنه في جوف الليل، فوقع في يد رجل من أهل الكوفة، فقرأه ثم أقرأه الناس وجعل بعضهم يقول لبعض: هذا أخ لنا ناصح! إذ كتب إلينا بما يريد أن يفعل معاوية.
قال: ووقع السهم إلى علي رضي الله عنه فقرأه، ثم أقبل إلى أصحابه فقال:
خط معاوية، وليس هذا إلا مكر ومكيدة، فلا يهولنكم ذلك.
ذكر الوقعة الثانية بصفين قال: وبعث معاوية بمائتي رجل أو يزيدون إلى عاقول (4) من الفرات ومعهم (5)