ذكر تحريض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على القتال قال (1): والخطب علي رضي الله عنه أصحابه بعد أن صلى عشاء الآخرة فقال:
الحمد لله الذي يبرم ما قضى وقدر، فما أبرمه فلا ينقضه الناقضون، وما نقض فلن يبرمه المبرمون، مع أن الله تعالى لو شاء لما اختلف اثنان من خلقه، ولا تنازعت الأمة في شيء من أمره، ولا جحد المفضول (2) حق الفاضل، ولو شاء الله ما اقتتلوا، ولكن الله يفعل ما يريد، وقد ساقتنا وهؤلاء المقادير (3) إلى هذا المكان، و نحن من الله تعالى بمنظر (4) ومستمع، ولو شاء الله لانتقم وكان معه التغيير (5)، و لكنه جعل الدنيا دار الأعمال والآخرة دار القرار ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا و يجزي الذين أحسنوا بالحسنى، ألا! وإنكم تقاتلون عدوكم غدا فاطلبوا الليلة القيام وأكثروا فيها من تلاوة القرآن واذكروا الله واسألوه النصر، وعليكم بالحذر والحزم والصبر وكونوا صادقين، ألا! وقد بلغ بكم وبعدوكم ما قد رأيتم ولم يبق منهم إلا آخر نفس، فإن الأمور إذا أقبلت اعتبر آخرها بأولها، وقد صبر (6) لكن القوم على غير دين حتى بلغوا فيكم ما بلغوا، وأنا غاد عليهم غدا ومحاكمهم إلى رب العالمين.
قال: فوثب (7) الناس إلى سيوفهم فجعلوا يستحدونها، وإلى رماحهم فجعلوا يسنون أسنتها، وإلى نصالهم فجعلوا يسوون نصالها (8). قال: ووقع أمر ليس بالهزل، وجعل رجل من أصحاب علي يرتجز ويقول (9):