كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٣ - الصفحة ٤٠
له كذا وكذا، فلم أطمع في خديعته، فقال معاوية: إن الحسين بن علي لا يخدع وهو ابن أبيه.
قال (1): ثم صاح معاوية بخيل أهل الشام أن احملوا رحمكم الله فقد بلغ الأمر أشده! فحملت أهل الشام على أهل العراق فاقتطعوا من أصحاب علي ألف رجل أو أكثر، وأحاطوا بهم وأحالوا بينهم وبين أصحابهم فلم يروهم، قال: ونظر علي إلى ذلك فنادى بأعلى صوته: ألا رجل يشري نفسه لله ويبيع ديناه بآخرته؟ قال: فأقبل إليه رجل من بني جعف يقال له عبد العزيز بن الحارث (2) على فرسه فقال: يا أمير المؤمنين! مرني بأمرك فداك أبي وأمي! فوالله لا تأمرني بشيء إلا فعلته! قال:
فجعل علي يقول:
شريت بأمر لا يطاق حفيظة * حياء (3) وإخوان الحفاظ قليل جزاك إله الناس خيرا فقد وفت * يداك بفضل من هناك جزيل ثم قال علي: احمل يا أبا الحارث! شد الله ركنك على أهل الشام، حتى تأتي أصحابك فتقرئهم عني السلام وقل لهم يكبروا ويهللوا، فنحن قد وافيناكم إن شاء الله.
قال: فحمل الفتى على أهل الشام وزعق وقاتل حتى انفرجوا له، ثم صار إلى أصحابه فأبلغهم الرسالة، قال: فكبر القوم وهللوا، وكبر علي وأصحابه وهللوا وحملوا أولئك، فوقعت الهزيمة على أهل الشام، فقتل منهم في تلك الوقعة نيف عن سبعمائة رجل، ولم يقتل من أصحاب علي ولا رجل واحد. فقال علي لأصحابه، من أعظم الناس غناء في هذا اليوم؟ فقالوا: أنت يا أمير المؤمنين! فقال علي: ولكن الجعفي أعظم غناء في اليوم، فأنشأ رجل من أصحاب علي يقول (4): لقد رأيت أمورا كلها عجب * وما رأيت كأيام بصفينا لما غدوا وغدونا كلنا حنقا * كما رأيت كمال أكلة الجونا (5)

(١) الخبر في وقعة صفين ص ٣٠٧.
(٢) وقعة صفين: على فرس أدهم كأنه غراب.
(٣) وقعة صفين: سمحت... وصدقا...
(٤) في وقعة صفين ص ٣٥٧ وقال رجل من بني عذرة.
(٥) في وقعة صفين: كما رأيت الجمال الجلة الجونا.
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر وقعة الماء وهي أول وقعة صفين 5
2 ذكر الوقعة الثانية بصفين 14
3 ذكر ما جرى بعد ذلك من الكلام 51
4 حديث خالد بن المعمر السدوسي 55
5 ثم رجعنا إلى الخبر 56
6 حديث سودة بنت عمارة الهمذانية مع معاوية 59
7 ثم رجعنا إلى الخبر 61
8 حديث أم سنان المذحجية مع معاوية 65
9 ثم رجعنا إلى الخبر من صفين 68
10 ذكر ما جرى من المناظرة بين أبي نوح وذي الكلاع الحميري 71
11 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 81
12 حديث عدي بن حاتم الطائي مع معاوية 82
13 ثم رجعنا إلى الخبر 83
14 حديث الزرقاء بنت عدي الهمذانية مع معاوية 87
15 ثم رجعنا إلى الخبر 89
16 ثم رجعنا إلى الخبر 103
17 حديث عبد الله بن هاشم مع معاوية 124
18 ثم رجعنا إلى الخبر 126
19 ذكر مقتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب 128
20 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 131
21 خبر عرار بن الأدهم 141
22 ذكر ما جرى من الكتب بين علي بن أبي طالب وبين معاوية وعمرو بن العاص وابن عباس لما عضهم سلاح أهل العراق 149
23 ذكر مقتل عمار بن ياسر رحمه الله 158
24 ذكر القوم الذين أنفذهم معاوية إلى علي بن أبي طالب يكلمونه في ضع الحرب 168
25 ذكر تحريض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على القتال 171
26 ذكر تحريض معاوية أصحابه على القتال 172
27 ذكر الواقعة الخميسية وهي وقعة لم يكن بصفين أشد منها وصفة ليلة الهرير 174
28 ذكر صفة ليلة الهرير 180
29 ذكر رفع المصاحف على رؤوس الرماح 181
30 ذكر امتناع القوم من القتال 182
31 ثم رجعنا إلى الخبر 188
32 ذكر ما كان بعد ذلك بينهم من المكاتبة 191