قد قلت والعين سجال تنكسب * قد أمست الأمة في أمر عجب و الملك مجموع غدا لمن غلب * والقول عندي صدقه غير كذب (1) إن غدا يهلك أعلام العرب * غدا نلاقي ربنا فنحتسب يا رب لا تشمت بنا ولا تعب (2) * من يجعل الأنداد ربا والصلب (3) غدا يكونون رمادا قد كتب * بعد الجمال والحياء والحسب ذكر تحريض معاوية أصحابه على القتال قال: ووقع في عسكر معاوية الخوف والحذر والفزع لما قد عزموا عليه إذا أصبحوا، وجعل معاوية يقول لأصحابه: يا أهل الشام! اعلموا أنكم تقاتلون غدا إخوانكم من العرب، فكونوا على إحدى ثلاث خصال: إما أن تكونوا قوما تطلبون ما عند الله بقتال قوم بغوا عليكم وفللوا من بلادهم حتى نزلوا ببيضتكم، وإما أن تكونوا قوما تطلبون بدم الخليفة عثمان، فإنه خليفتكم وصهر نبيكم، وإما أن تكونوا تذبون عن حريمكم وحرمكم، يولوكم بتقوى الله والصبر الجميل. فأنشأ رجل من أصحاب معاوية يقول (4):
ألا ليت هذا الليل أطبق سرمدا * علينا وإنا لا نرى بعده غدا فإن يك ليلي خائبا لصباحه * وجدت إلى برج الكواكب مصعدا (5) و أما فراري في البلاد فليس لي * فرار (6) وإن جاوزت جابلق مبعدا حذار علي إنه غير مخلف * يدا له (7) ما لبى الملبون موعدا فإني به في الليل ينفض رأسه * على ظهر خوار الرحالة أجردا