فقال الأشتر: إن كان أمير المؤمنين قد رضي فقد رضيت بما رضي به أمير المؤمنين.
قال: فكان معاوية بعد ذلك يقول: والله لقد رجع عني الأشتر يوم رفع المصاحف وأنا أريد أن أسأله أن يأخذ لي الأمان من علي، وقد هممت ذلك اليوم بالهرب ولكن ذكرت قول عمرو بن الأطنابة حيث يقول (1):
أبت لي عفتي وأبى بلائي * وأخذي الحمد بالثمن الربيح وإعطائي (2) على المكروه مالي (3) * وضربي هامة البطل المشيح (4) وقولي كلما جشأت وجاشت (5) * مكانك تحمدي أو تستريحي لأدفع عن مآثر صالحات * وأحمي بعد عن عرض صحيح بذي شطب كلون الملح صاف * ونفس ما تقر على القبيح ثم رجعنا إلى الخبر قال: فقال علي رضي الله عنه: أيها الناس! إنه ليس مع كتاب الله تعالى أمر و لا مع حكمه حكم، هذا كتاب الله قد دعانا القوم إليه وأنا أحب أن أحيي ما أحيى القرآن وأميت ما أمات القرآن، وقد علمتم أننا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في يوم الحديبية فأردنا أن نقاتل إنكارا للصلح حتى نهانا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإن أهل الشام إنما دعونا إلى كتاب الله عزو جل اضطرارا ونجيبهم اعذارا، واسكنوا حتى ننظر ما الذي يريدون أن يصنعوا.
قال: فوثب حريب بن جابر البكري فقال: أيها الناس! إنكم قد سمعتم كلام أمير المؤمنين فاسمعوا كلامي، إن أمير المؤمنين لو كان خلوا من هذا الأمر لكان المفزع (6) إليه، فكيف وهو قائده وسائقه (7)! إنه والله ما قبل من القوم اليوم إلا الأمر