رضينا بإيرادها في الورود * وبعد الورود بإصدارها على كل حال رضينا بها * بإظهار آمر وإضمارها ولسنا نريد بها غيرها * ولسنا نكون من أشرارها فمن ألحد اليوم في رأيه * رمته المنايا بأقدارها دعاه ابن هند إلى خطة * أقر بها بعد إنكارها و أظهر فيها رضى بالقرآن * وليس له غير إظهارها و فيها بقاء إلى مدة * ووضع الحروب لأوزارها فإن قلت لا قلت لا مثلها * واحذاؤها حذو مقدارها و ما الناس إلا رجال العراق * وبالشام مرعى لأعيارها و بالشام اعداد أهل العراق * وليس لها مثل أخيارها و ما العيش إلا بأحقافها * وما الكف إلا بأظفارها قال: فغمد (1) الناس أسيافهم ووضعوا أسلحتهم وعزموا على الحكم. فقال عمرو لمعاوية: كيف رأيت رأيي، لقد كنت غرقت في بحر العراق وأنقذتك، فقال معاوية: صدقت أبا عبد الله ولمثلها كنت أرجوك.
ذكر ما كان بعد ذلك بينهم من المكاتبة قال: ثم كتب علي رضي الله عنه إلى معاوية (2): أما بعد، فإن أفضل ما يشتغل به المرء المسلم اتباع ما يحسن به ويستوجب فضله ويسلم من غيه، وإن البغي والباطل ليسعان بالموالي موارد الهلكة، واحذر الدنيا يا معاوية فإنه لا فرح في شيء وصلت إليه منها وقد علمت أنك غير مدرك ما قضى الله فوته (3)، وقد رام قوم (4) أمرا بغير حق فأكذبهم الله (5) ومتعهم قليلا ثم يضطرهم إلى عذاب غليظ، فاحذر يوما يغتبط فيه من حمد عاقبة أمله وعمله ويندم من أمكن الشيطان من قيادة،