معاوية: أليس قد جرح عبد الله جراحات كثيرة؟ قالوا: بلى! ولكنه قاتل على ما به من الجراحات هو الذي قتل الحارث بن المؤمل، فقال معاوية: لئن أمكنني الله من عبد الله بن هاشم لأفعلن به ولأصنعن.
حديث عبد الله بن هاشم مع معاوية قال: فلما كان بعد ذلك وأفضى الامر إلى معاوية سأل عن عبد الله بن هاشم، فقيل: إنه بالبصرة في بني ناجية عند عجوز تداويه من جراحاته، فكتب إلى عامله بالبصرة أن اطلب عبد الله بن هاشم في بني ناجية، فإذا قدرت عليه فاحمله إلى في أسرع ما تقدر عليه. فلما ورد الكتاب على عامل البصرة بعث إلى بني ناجية فطلب عبد الله بن هاشم حتى ظفر به، فحمله إلى معاوية وسلم، فرد عليه السلام ونظر إليه، فإذا هو عليل مدنف سقيم قد تغير عن حالته التي كان عليها، فأمره بالجلوس، فجلس. قال: ونظر عمرو فقال: يا أمير المؤمنين! هذا المحتال بن المرقال، قال معاوية: نعم هذا المحتال بن المرقال، فهات ما الذي ترى فيه!
فقال: دونك الضب المضني (1) والنجف المعني، والعصا من العصية، وجزاء السيئة السيئة، ولن تلد الحية إلا الحية. قال: فالتفت إليه عبد الله بن هاشم فقال:
ما أنا بأول رجل خذله (2) قومه وأدركه يومه. قال عمرو: أمكني منه يا أمير المؤمنين حتى أشخب أوداجه على أثباجه (3)، فلبئس ما فعل هذا بنا وأبوه وأخوه بصفين، فقال له عبد الله: فهل (4) لا قلت ذا يا بن العاص بصفين وأنا أدعوك إلى البراز، وقد (5) أتتك هام الرجال من نقع الجريال، وتضايقت بك المسالك، وأشرفت فيها علي المهالك! وأيم الله لولا أن مكانك مني للبست (6) لك حافة أرميك منها بأحر من وقع الأسل، فإنك لا تزال (7) تكسر ركبتك وتخبط في كرسيك خبط العشواء في الليلة الظلماء.