ابن أختنا غضب لنا لما كان من كلام ابن ذي الكلاع الحميري، قال: فوثب نعيم بن هبيرة الشيباني فقال: يا معشر ربيعة! لا تغتروا بمقالة عمرو بن العاص لكم، فكما حرضكم على أصحاب معاوية فكذلك قد حرض أصحاب معاوية عليكم، فاعلموا ذلك، ثم أنشأ يقول في ذلك:
تمنت رجال ود عمرو سفاهة * وفي وده والراقصات لنا الفنا أراد ورب البيت حقا فناءنا * وقال لهم مثل الذي قاله لنا يقول له دين ودنيا قليلة * وفي الدين يا بن العاص فيه لنا غنا فإن تك دنيا لا تدوم أخذتها * بدينك فاصبر عند مختلف القنا فلا تقبلوا منه الذي جاءكم به * فإن ابن عاص الله ما زال مفتنا إلى الله إلا أن صدرك واغر * وإن ابن هند واغر الصدر بالقنا قال: فدنا (1) القوم بعضهم من بعض، وجعل علي يقول لأصحابه: تقدموا على بركة الله وعليكم بالسكينة والوقار، وسيما الخير وزينة الإسلام، فإنكم إنما تقاتلون ابن آكلة الأكباد والأبتر ابن الأبتر (2) والوليد بن عقبة شارب الخمر المجلود في الإسلام (3)، وقبل اليوم ما قاتلوني وشتموني وأنا إذ ذاك أدعوهم إلى الهدى ودين الحق، وهم يدعونني إلى عبادة الأصنام، إن هذا لخطب جليل، إن فساقا كانوا عندنا غير مرضيين وعلى الإسلام وأهله متهمين، قد خدعوا شطرا من هذه الأمة، فأشربوا قلوبهم حب الفتنة، واستمالوا أهواءهم بالكذب والبهتان حتى نصبوا لنا الحرب، وجدوا في إطفاء نور الله، والله متم نوره ولو كره الكافرون، اللهم أقلل حدهم وشتت كلمتهم! فإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت.
خبر غرار بن الأدهم قال: وخرج رجل من أهل الشام يقال له غرار بن الأدهم، ولم يكن بالشام رجل أفرس منه ولا أقدم في الحرب، فجعل يجول بين الصفين ويطلب البراز، فعرفه (4) الناس فتحاموه ولم يخرجوا إليه. قال: فبينا هو كذلك إذ نظر إليه رجل من