في وقت المساء، فأنشأ ثعلبة بن عقبة من أهل الشام يقول (1):
لقينا رجالا للعراق أعزة * كأسد الشري عند حز الغلاصم فلم أر فرسانا أشد بديهة * وأمنع منهم في اختلاط الملاحم (2) غداة غدت أهل العراق كأنهم * ليوث (3) تلاقي في فجاج المخارم إذا قلت قد ولوا أنابت كتيبة * ململمة في البيض ألوى العمائم (4) وقالوا لنا: هذا علي فبايعوا * فقلنا ألا لا بالسيوف الصوارم وثرنا إليهم بالسيوف وبالقنا * تدافعهم فرساننا بالتزاحم قال: وجعل أهل العراق ينادون: يا أهل الشام! عندنا الطيب ابن الطيب محمد بن أبي بكر الصديق، فقال أهل الشام: ذلك الخبيث ابن الطيب، ثم نادى أهل الشام: ألا إن فينا الطيب ابن الطيب عبيد الله (5) بن عمر بن الخطاب، فقالت أهل العراق: ذلك الخبيث ابن الطيب.
قال: فبات القوم وأصبحوا على راياتهم وبغيتهم، وتقدم جماعة من أصحاب علي (6) على رؤوسهم البيض وهم في الحديد لا يرى منهم إلا الحدق، وخرج إليهم نحوهم العدد من أهل الشام، فاقتتلوا بين الصفين وهم يزيدون على ألف رجل، فلم يرجع من هؤلاء وهؤلاء أحد لا شامي ولا عراقي، وقتلوا عن آخرهم، فأنشأ شبث (7) بن ربعي يقول:
وقفنا لهم في يوم صفين في الوغى (8) * لدى غدوة حتى هوت لغروب وأصبحت الابطال منا ومنهم * وقامت نساء حولنا بنحيب