كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٣ - الصفحة ١٨١
ومدت الأعناق وطلبت الحوائج وشخصت الأبصار، اللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق و أنت خير ألفا تحين! ثم إنه حمل في سواد الليل وحملت الناس معه، فكلما قتل بيده رجلا من أهل الشام كبر تكبيرة حتى أحصى له كذا كذا تكبيره. قال أبو محمد (1): أحصي له خمسمائة تكبيرة وثلاث (2) وعشرون تكبيرة (3)، في كل تكبيرة له قتيل، قال: وكان إذا علا قد وإذا وسط قط.
قال: وجعلت المشايخ من أهل الشام ينادون في تلك الغمرات: يا قوم! الله الله في البقية! الله الله في الحرم والذرية! والناس يقتتلون ليلتهم تلك حتى أصبحوا، وقد قتل من القوم تلك الليلة ستة وثلاثون ألفا من جحاجحة العرب، و ليس فيهم أحد يكيع عن صاحبه. قال: فطلعت الشمس وتعالى النهار وذلك في يوم الجمعة والسيوف تأخذ هام الرجال.
ذكر رفع المصاحف على رؤوس الرماح قال: فقال معاوية لعمرو بن العاص: الله ويحك أبا عبد الله! أين حيلك التي كنت أعرفها منك؟ فقال عمرو: تريد ماذا؟ قال: أريد أن تسكن هذه الحروب، فقد أبيد أهل الشام، وإني لأعلم إن دام هذا الحرب يومنا هذا لم يبق بأرض الشام أحد يحمل سلاحنا، فقال عمرو: إن أحببت ذلك فأمر بالمصاحف أن ترفع على رؤوس الرماح ثم ادعهم (4) إليها، فإنك إن فعلت ذلك لم يقاتل أحد أحدا، فهذه حيلتي ومكيدتي التي لم أزل أدخرها لك، فعجل برفع المصاحف، قال: فلما سمعت أهل الشام ذلك قال بعضهم لبعض: صدق عمرو، وهذه حيلة ما سبقه إليها أحد.
قال: فأمر معاوية بالمصاحف فرفعت على رؤوس الرماح، وصاح (5) أهل الشام: يا علي! يا علي! اتق الله اتق الله! أنت وأصحابك في هذه البقية، هذا

(1) هو ابن الأعثم الكوفي، المؤلف.
(2) بالأصل: ثلاثة.
(3) في مروج الذهب 2 / 431: كان جملة من قتل علي بكفه في يومه وليلته خمسمائة وثلاثة وعشرين رجلا أكثرهم في اليوم.
(4) الأصل: ادعوهم.
(5) بالأصل: وصاحوا.
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر وقعة الماء وهي أول وقعة صفين 5
2 ذكر الوقعة الثانية بصفين 14
3 ذكر ما جرى بعد ذلك من الكلام 51
4 حديث خالد بن المعمر السدوسي 55
5 ثم رجعنا إلى الخبر 56
6 حديث سودة بنت عمارة الهمذانية مع معاوية 59
7 ثم رجعنا إلى الخبر 61
8 حديث أم سنان المذحجية مع معاوية 65
9 ثم رجعنا إلى الخبر من صفين 68
10 ذكر ما جرى من المناظرة بين أبي نوح وذي الكلاع الحميري 71
11 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 81
12 حديث عدي بن حاتم الطائي مع معاوية 82
13 ثم رجعنا إلى الخبر 83
14 حديث الزرقاء بنت عدي الهمذانية مع معاوية 87
15 ثم رجعنا إلى الخبر 89
16 ثم رجعنا إلى الخبر 103
17 حديث عبد الله بن هاشم مع معاوية 124
18 ثم رجعنا إلى الخبر 126
19 ذكر مقتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب 128
20 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 131
21 خبر عرار بن الأدهم 141
22 ذكر ما جرى من الكتب بين علي بن أبي طالب وبين معاوية وعمرو بن العاص وابن عباس لما عضهم سلاح أهل العراق 149
23 ذكر مقتل عمار بن ياسر رحمه الله 158
24 ذكر القوم الذين أنفذهم معاوية إلى علي بن أبي طالب يكلمونه في ضع الحرب 168
25 ذكر تحريض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على القتال 171
26 ذكر تحريض معاوية أصحابه على القتال 172
27 ذكر الواقعة الخميسية وهي وقعة لم يكن بصفين أشد منها وصفة ليلة الهرير 174
28 ذكر صفة ليلة الهرير 180
29 ذكر رفع المصاحف على رؤوس الرماح 181
30 ذكر امتناع القوم من القتال 182
31 ثم رجعنا إلى الخبر 188
32 ذكر ما كان بعد ذلك بينهم من المكاتبة 191