فضحك معاوية وأمر لها براحلة بوطائها وزودها وأمر لها بعشرة آلاف درهم (1)، فانصرفت أم سنان غانمة.
ثم رجعنا إلى الخبر من صفين قال: وعزل علي الأشعث بن قيس عن الرئاسة لشيء بلغه عنه ودفع رايته إلى حسان بن مخدوج الذهلي، فغضب لذلك سادات كندة حتى كاد أن يقع بين كندة وربيعة شيء من حرب، فقالت (2) ربيعة لكندة: يا هؤلاء! لا عليكم إن كان صاحبكم الأشعث بن قيس ملكا في الجاهلية وسيدا في الإسلام فإن صاحبنا ليس بدونه وهو أهل لهذه الرئاسة. ثم وثب حسان بن مخدوج إلى الأشعث فقال له: يا أخي! إن كان أمير المؤمنين عزلك عن الرئاسة فهذه راية قومي لك ولي راية قومك، فقال الأشعث: معاذ الله أن أفعل ذلك! ما كان لي فهو لك وما كان لك فهو لي.
قال: وبلغ ذلك معاوية أن عليا قد عزل الأشعث عن الرئاسة، فدعا بشاعره كعب بن جعيل (3) وقال: أحب أن يلقى إلى الأشعث بن قيس شيئا من الشعر يهيجه على علي، فلعله أن يفارقه ويصير إلينا، فكتب إليه كعب بن جعيل (3):
من يصبح اليوم مثلوجا بأسرته * فالله يعلم أني غير مثلوج زالت عن الأشعث الكندي رئاسته * واستجمع الامر حسان بن مخدوج يا للرجال لعار ليس يغسله * ماء الفرات وكرب غير مفروج إن ترض كندة حسانا بصاحبها * ترضى الدناة وما قحطان بالهوج هذا لعمرك نقص ليس ينكره * أهل العراق وعار غير ممزوج كان ابن قيس هماما في أرومته * بدرا ينوء بملك غير مبعوج (4) ثم استقل بعار في ذوي يمن * والقوم أعداد (5) يأجوج ومأجوج إن الذين تولوا بالعراق لهم * لا يستطيعون طرا ذبح فروج قال: فلما انتهى هذا الشعر إلى أهل اليمن وثب شريح بن هانىء المذحجي