كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٣ - الصفحة ١٨٧
قال: فانصرف الأشتر مغضبا وهو يقول: يا أهل العراق! يا أهل الرهن (1) و الوهن! ويلكم الآن حين علوتموهم بالطعن والضرب وعلموا أنكم قاهرون رفعوا لكم هذه المصاحف خديعة ومكرا، ثم دعوكم إليها! فقال الأشعث بن قيس: يا هذا! إننا قاتلناهم لله عزو جل، وندع الساعة قتالهم لله عز وجل، قال: فقال الأشتر: ويحكم! فأمهلوني ساعة فلقد أحسست بالفتح وأيقنت بالظفر، فقالوا:
لا، قال: فأمهلوني عدوة فرسي (2)، فإني قد طمعت في النصر، فقالوا: إذا ندخل معك في خطيئتك، فإنهم قد دعونا إلى كتاب الله عز وجل، فقال الأشتر: إنه قد قتل أماثلكم (3) وبقي أراذلكم، وقد كنتم إلى الساعة محقين، فإن تركتم قتالكم تكونوا مبطلين (4)؟ قال: فصاحت به القراء وغيرهم من الناس وقالوا: دعنا منك يا أشتر، فإننا لا نطيعك ولن نطيع صاحبك ونحن نرى المصاحف على رؤوس الرماح ندعى إليها. فقال الأشتر: لا والله ولكن خدعتم فانخدعتم، ودعيتم إلى وضع الحرب فأجبتم، ثم أقبل على أولئك القراء فقال: يا أصحاب الجباة السود! كنا نظن أن صلاتكم (5) زهادة في الدنيا وتشوقا في الآخرة، وأنا والله فلا أرى فراركم إلا إلى الدنيا، فقبحا لكم وبعدا كما بعد القوم الظالمون.
قال: فسبوه وسبهم، وضربوا بسياطهم وجه فرسه وضرب بسوطه وجوه دوابهم، وهموا به وهم بهم، وأعانه (6) بنو عمه، وكادت الفتنة أن تقع بين القوم حتى سكنهم علي وقال: كفوا عنه ما لكم وله.
قال: فتكلم رجل من أصحاب علي رضي الله عنه وقال: يا هذا! إن أمير المؤمنين قد قبل الحق ورضي بحكم القرآن ولم يسعه إلا ذلك فلا تقتل نفسك،

(١) الطبري والأخبار الطوال: الذل.
(٢) في الأخبار الطوال: امهلوني فواقا. والفواق بضم الفاء وبفتحها ما بين الحلبتين من الوقت، فالناقة تحلب ثم تترك سويعة يرضعها الفصيل لتدر، ثم تحلب.
(٣) الأخبار الطوال: خياركم.
(٤) في الأخبار الطوال ص ١٩٠: قال: ويحكم، كيف بكم وقد قتل خياركم وبقي أراذلكم، فمتى كنتم محقين، أحين كنتم تقاتلون أم الآن حين أمسكتم؟ فما حال قتلاكم الذين لا تنكرون فضلهم، أفي الجنة أي في النار؟ وانظر عبارة الطبري ٦ / ٢٨ ووقعة صفين ص ٤٩١.
(٥) في الأخبار الطوال: إن صلاتكم عبادة وشوق إلى الجنة.
(6) بالأصل: وأعانوه.
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر وقعة الماء وهي أول وقعة صفين 5
2 ذكر الوقعة الثانية بصفين 14
3 ذكر ما جرى بعد ذلك من الكلام 51
4 حديث خالد بن المعمر السدوسي 55
5 ثم رجعنا إلى الخبر 56
6 حديث سودة بنت عمارة الهمذانية مع معاوية 59
7 ثم رجعنا إلى الخبر 61
8 حديث أم سنان المذحجية مع معاوية 65
9 ثم رجعنا إلى الخبر من صفين 68
10 ذكر ما جرى من المناظرة بين أبي نوح وذي الكلاع الحميري 71
11 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 81
12 حديث عدي بن حاتم الطائي مع معاوية 82
13 ثم رجعنا إلى الخبر 83
14 حديث الزرقاء بنت عدي الهمذانية مع معاوية 87
15 ثم رجعنا إلى الخبر 89
16 ثم رجعنا إلى الخبر 103
17 حديث عبد الله بن هاشم مع معاوية 124
18 ثم رجعنا إلى الخبر 126
19 ذكر مقتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب 128
20 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 131
21 خبر عرار بن الأدهم 141
22 ذكر ما جرى من الكتب بين علي بن أبي طالب وبين معاوية وعمرو بن العاص وابن عباس لما عضهم سلاح أهل العراق 149
23 ذكر مقتل عمار بن ياسر رحمه الله 158
24 ذكر القوم الذين أنفذهم معاوية إلى علي بن أبي طالب يكلمونه في ضع الحرب 168
25 ذكر تحريض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على القتال 171
26 ذكر تحريض معاوية أصحابه على القتال 172
27 ذكر الواقعة الخميسية وهي وقعة لم يكن بصفين أشد منها وصفة ليلة الهرير 174
28 ذكر صفة ليلة الهرير 180
29 ذكر رفع المصاحف على رؤوس الرماح 181
30 ذكر امتناع القوم من القتال 182
31 ثم رجعنا إلى الخبر 188
32 ذكر ما كان بعد ذلك بينهم من المكاتبة 191