وأراك قد دعوتني إلى حكم القرآن وقد علمت أنك لست من أهل القرآن ولا حكمه أردت، والله المستعان وقد أجبنا القرآن إلى حكمه ولسنا إياك أجبنا، فبيننا وبينك حكم القرآن، ومن لم يرض بالقرآن فقد ضل ضلالا مبينا (1) - والسلام على عباد الله الصالحين -.
قال: وكتب معاوية: أما بعد، فعافانا الله وإياك فإني إنما قاتلت على دم عثمان وكرهت التدهين في أمره وإسلام حقه، وقلت إن أدرك به نارا فبها ونعمة، و إن تكن الأخرى فإن الموت على الحق أجمل من الحياة على الضيم، وبعد فقد بان لك الذي فيه صلاحنا والألفة بيننا، وإنما استربت بالعفو بعد صلاح الأمة، وإنما أدخلني في هذا الأمر القيام بالحق فيما بين الباغي والمبغي عليه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فدعوت إلى كتاب الله بيني وبينك، وعلمت أنه لا يجمعنا وإياكم على الحق إلا القرآن، نحيي ما أحيا القرآن ونميت ما أمات القرآن - و السلام (2) -.
قال: ثم كتب علي رضي الله عنه إلى عمرو بن العاص (3): أما بعد، فإن الدنيا شاغلة (4) عن غيرها، ولم يصب أحد (5) منها شيئا إلا فتحت له حرصا يزيده رغبة فيها، ولن يستغني صاحبها بما نال منها، ومن وراء ذلك فراق ما جمع، والسعيد من وعظ بغيره، وإن الذي تنازعت فيه من الدنيا فإنها غرارة، فلا تحبط أجرك ولا تحام معاوية وباطله - والسلام -.
قال: فكتب إليه عمرو (6): أما بعد، فإن الذي فيه صلاحنا وألفتنا الإنابة إلى الحق، وقد أنصف من جعل القرآن إماما ودعا الناس إلى أحكامه، وقد جعلنا القرآن حكما وأجبنا إليه، وصبر الرجل منا نفسه على ما حكم به عليه القرآن، واصبر أبا حسن فإننا غير منيليك إلا ما أنالك القرآن - والسلام -.